قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، إن روسيا وإيران وتركيا والرئيس السوري بشار الأسد، وافقوا على إجراء محادثات جديدة، تهدف لحل الصراع في سورية بمدينة أستانة عاصمة قازاخستان، ووصف سيطرة الجيش السوري على حلب بـ«الخطوة المهمة جداً»، نحو حل النزاع في البلاد، فيما أعلنت موسكو عن نشر كتيبة من الشرطة العسكرية الروسية في المدينة السورية، التي قامت قوات الجيش السوري بإعلان السيطرة عليها وتمشيطها.
وفي التفاصيل، قال بوتين أن عملية الإجلاء من حلب، ما كان يمكن أن تتم دون مساعدة روسيا وإيران وتركيا، أو حسن النيات من جانب الأسد. وقال إن الخطوة التالية في سورية، يجب أن تكون وقف إطلاق النار على مستوى البلاد.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي، جينادي جاتيلوف، في وقت سابق، أمس، إنه يتوقع إجراء المحادثات في أستانة، منتصف يناير المقبل.
ونشرت روسيا كتيبة من الشرطة العسكرية، الليلة قبل الماضية، لضمان الأمن في حلب، التي بات الجيش السوري يسيطر عليها بالكامل، وفق ما أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أمس.
وقال الوزير، في بيان صادر عن الكرملين خلال اجتماع مع بوتين: «منذ مساء أمس، نشرنا كتيبة من الشرطة العسكرية في الأراضي المحررة (في حلب)، بهدف الحفاظ على الأمن».
وتضم الكتيبة الروسية ما بين 300 و400 جندي، والشرطة العسكرية الروسية متفرعة عن الجيش، وتعمل على الحفاظ على النظام والانضباط فيه.
وحيا بوتين استعادة كامل حلب، باعتبارها «جزءاً مهماً جداً من عودة الوضع إلى طبيعته في سورية»، وقال إنه «ينبغي القيام بكل شيء، من أجل وقف القتال في كل الأراضي السورية».
وذكرت وسائل الإعلام الروسية، في وقت سابق من الشهر، أن جنوداً من الشيشان أرسلوا في إطار الشرطة العسكرية إلى سورية، وأظهرهم شريط فيديو يتحدثون بالشيشانية، أثناء استعدادهم للمغادرة بملابس الشرطة العسكرية.
كما وقع بوتين أمر توسيع القاعدة البحرية الروسية، في مدينة طرطوس شمال غرب سورية، كما أعلن الكرملين، أمس، في بيان.
وقال الكرملين إن بوتين أمر بتوقيع اتفاق مع سورية، يؤدي إلى تنظيم «المسائل المتعلقة بتوسيع أراضي منشآت الأسطول الروسي في مرفأ طرطوس، وتطويرها وتحديث بناها التحتية، وكذلك دخول سفن حربية روسية إلى المياه والموانئ» السورية.
من جانبه، قام الجيش السوري، أمس، بتمشيط الأحياء الشرقية الأخيرة، التي كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة في حلب، غداة إعلانه استعادة كامل المدينة، ليعزز انتصاره الأكبر منذ بدء النزاع في البلاد قبل نحو ست سنوات.
وأفاد مراسل «فرانس برس» بانتهاء عملية التمشيط، التي بدأت صباح أول من أمس، في الشوارع الرئيسة في ثلاثة أحياء، فيما يواصل الجيش تمشيط الشوارع الفرعية.
ونقل مصور لـ«فرانس برس»، في حي السكري، مشاهدته لجنود يبحثون بين الأسلاك والدمار عن ألغام أو عبوات متفجرة، بينما تركزت عمليات التمشيط على مراكز الفصائل المعارضة.
وفي أول رد عسكري من الفصائل المعارضة غداة خروجها، أطلقت من مناطق وجودها غرب حلب، عشرات القذائف الصاروخية، على حي الحمدانية في جنوب المدينة، ما أسفر عن مقتل «مدنيين»، وفق المرصد السوري. وتحدث الإعلام الرسمي بدوره عن سقوط «ثلاثة شهداء».
ومن بين السكان من نزح من منزله، أخيراً، هرباً من القصف والمعارك خلال هجوم الجيش الأخير، وآخرون تركوا منازلهم قبل سنوات حينما تحولت المدينة إلى ساحة معارك رئيسة، وانقسمت بين أحياء غربية وشرقية في عام 2012.
وشاهد مراسل «فرانس برس» مدنيين يرتدون ثياباً شتوية، يجتازون الطرق الطينية، ويتفادون الحطام المنتشر من كل جانب، للوصول إلى منازلهم، والاطمئنان على ممتلكاتهم.
وفي حي بستان القصر، عملت الجرافات على رفع الأنقاض المنتشرة من الشوارع، فيما صعد جندي على أحد الأعمدة الكهربائية، ليرفع العلم السوري.
يقول خالد المصري، وهو في طريقه إلى منزله بحي بستان القصر: «أتيت للاطمئنان على منزلي الذي تركته منذ خمس سنوات، وانتقلت للسكن في منزل بالإيجار في حي صلاح الدين». ويضيف «آمل ألا يكون بيتي تعرض للدمار».
وفي حي الميسر المجاور، وجدت أم عبدو (42 عاماً) منزلها مدمراً. وتقول «لم يبق شيء من البيت، لكن من الممكن تعويضه، وكل شيء ممكن تعويضه».
وتبدو الأحياء الشرقية، التي سيطر عليها الجيش، خلال شهر، شبه خالية، بعدما غادرها عشرات الآلاف من سكانها، هرباً من المعارك الأخيرة.
كما تم إجلاء 35 ألفاً من مقاتلين ومدنيين، في الأسبوع الأخير، من آخر جيب كانت تسيطر عليه الفصائل المعارضة، وفق اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وقالت رئيس بعثة الصليب الأحمر إلى سورية، ماريان غاسر، في بيان «هذه مجموعات دمرت أحياؤها جراء العنف، وعائلات تعاني منذ أشهر بحثاً عن الأمان والغذاء والرعاية الطبية والملجأ المناسب». وأضافت «بدا أنهم مستميتون من أجل المغادرة، حتى إن كان هذا الوضع مؤلماً بالنسبة لهم».
وغادر هؤلاء من شرق حلب، مقابل إجلاء 1200 شخص، معظمهم نساء وأطفال وعجزة، من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من قبل الفصائل المسلحة في محافظة إدلب.
وتشكل استعادة حلب تحولاً جذرياً في مسار الحرب في سورية، وتعد الانتصار الأبرز لدمشق وحلفائها، الذين قدموا لها منذ بدء النزاع دعماً سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً، أبرزهم روسيا وإيران و«حزب الله»، كما تضع النظام السوري على طريق تحقيق هدفه، باستعادة كل المناطق الخارجة عن سيطرته.
لكنها تشكل، في المقابل، ضربة قاسية بالنسبة إلى المعارضة السورية، كما تعد خسارة للدول الداعمة لها.
واعتبر الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني، حسن نصرالله، أمس، أن «اليوم بعد حلب، باستطاعة الواحد أن يقول مطمئناً إن هدف إسقاط النظام سقط وفشل». وأضاف «لأن النظام الذي معه دمشق وحلب، أكبر مدينتين في سورية، وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس والسويداء، هو نظام موجود وقوي وفاعل، ولا يقدر أحد في العالم على تجاهله».
المصدر: الإمارات اليوم