وصفت الدكتورة عائشة بطي بن بشر مدير عام مكتب مدينة دبي الذكية «بيانات دبي» بأنها المبادرة الأضخم والأكثر شمولية في العالم حتى الآن، كونها تتيح التعاون بين كافة الجهات المعنية في الإمارة.
وتتيح المبادرة بيانات الإمارة للقطاعين العام والخاص عبر بوابة إلكترونية كونها غير سرية، بهدف تحفيز ريادة الأعمال واكتساب المعرفة.
وأضافت أن قيمة هذه المبادرة تكمن في كونها ذكية، والأهم الأثر الإيجابي الذي ستتركه على كافة السكّان وزائري المدينة.
ونشر موقع القمة العالمية للحكومات على الإنترنت تقريراً حول توجهات جديدة بشأن قيام الحكومات بتطوير أنظمة تشغيل، مثل تلك المستخدمة في الحواسيب والأجهزة اللوحية، ولكن بهدف إدارة المدن. متسائلاً عما إذا كانت دبي تحتاج لنظام تشغيل خاص بها؟
وفي إشارة إلى فكرة عمل المدينة باستخدام «نظام تشغيل» نقل التقرير عن الدكتورة عائشة بن بشر قولها: «يسعى قانون البيانات في دبي إلى تحقيق هذا الدور».
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، رعاه الله، بصفته حاكما لإمارة دبي، اعتمد في أكتوبر الماضي قانون نشر وتبادل البيانات في إمارة دبي.
وسيعمل القانون على إتاحة بيانات الدوائر- غير المصنفة سرياً – في دبي للجمهور بشكل مفتوح عبر منصة متكاملة يستطيع من خلالها الباحثون والمستثمرون ومطورو الخدمات الوصول إليها بشكل مستمر.
ويضع القانون قواعد وآليات واضحة لإلزام كافة الدوائر في دبي بفتح بياناتها ومشاركتها مع الدوائر الأخرى بشكل متكامل بهدف توحيد بيانات دبي وتقديم خدمات موحدة ومتكاملة للجمهور ورسم صورة واضحة وكاملة لمتخذي القرار في كافة الدوائر عن كافة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والتخطيطية في إمارة دبي.
كما يضع القانون آليات واضحة وجهة محددة ومختصة بالإمارة للإشراف على تصنيف البيانات في دبي ووضع معايير لقواعد المعلومات فيها ومتابعة نشرها وتبادلها بين الجهات والعمل على تطوير منصة موحدة لبيانات الإمارة تكون مفتوحة جزئيا للجمهور ومفتوحة بشكل كامل لكافة الدوائر والمؤسسات العاملة في الإمارة، وذلك بهدف خلق بيئة تشريعية متكاملة لتطوير المدينة الأذكى عالمياً.
نظام تشغيل
وكان مختصون في مدينة بريستول البريطانية طوروا نظام تشغيل مفتوح المصدر يتيح البيانات للعامة كجزء من مبادرة «المدينة الذكية» الطموحة.
وسيحصل «نظام تشغيل المدن» المطوّر في بريستول، الذي يستطيع تشغيل برنامج خارجي، على متجر تطبيقات خاص به في المستقبل. ولكن بدلاً من استضافته تطبيقات مختلفة مثل واتس آب وكاندي كراش ساغا، سيكون المتجر موجّهاً لإصدار تطبيقات تراقب بعض الأمور في المدينة مثل حركة المرور، والتلوث، وتحويل مدينة بريستول، التي يتجاوز عدد سكانها 400 ألف مواطن، إلى مكان أفضل للعيش.
وأفادت ديميترا سيمونيدو، أستاذ الشبكات عالية الأداء في جامعة بريستول بأن المبادرة تحاول أن تقدم للمدن الذكية ما قدمه نظام أندرويد للهواتف النقالة«.
وديميترا سيمونيدو هي مطوّرة نظام تشغيل بريستول الذي أصبح مُعَد رسميًا للاستخدام في العام الماضي، وتزداد إمكانيّاته تدريجيًا.
ويأتي هذا النظام كجزء من مشروع»بريستول المنفتحة«، وهو مشروع مدينة ذكية مشترك بين المجلس المحلي والجامعة، تم إعداده ليكون قاعدة اختبار للتقنيات الحضرية المستقبلية.
مدينة منفتحة
ومن أجل بناء»مدينة منفتحة«، تحظى المبادرة حتى الآن بإمكانية الوصول إلى بنية تحتية وتكنولوجية تُقدر بحوالي 75 مليون جنيه إسترليني (393 مليون درهم). ويشمل هذا شبكة ألياف فائقة السرعة وشبكة لاسلكية متصلة بأعمدة الإنارة في المدينة، وكلاهما مُكرس لخدمة أهداف البحث والتطوير.
وتربط الشبكة بين عدد من المجسات الذكية المنتشرة حول المدينة، ويُطلق عليها أجهزة شبكة»إنترنت الأشياء«، وحاسوب الجامعة الخارق الذي يقدر ثمنه بعشرات الملايين، ليُساعد على تفسير كافة»البيانات الكبيرة«التي تصله.
وتعمل بعض التطبيقات حاليًا على نظام تشغيل بريستول، بما في ذلك برنامج مراقبة التلوث، فيما لا تزال بعض التطبيقات قيد التنفيذ، مثل تطبيق تنظيم حركة المرور والاصطفاف الذكي. وفي حين أن جميع هذه التطبيقات قد نُفذت من خلال المشروع المشترك بين الجامعة والمجلس، إلا أن سيمونيدو تقول بأن هناك أطرافًا أخرى ستستطيع استخدام الشبكة في نهاية المطاف.
وأضافت»نحن ننظر إلى متجر تطبيقات مخصص لتوفير تطبيقات مدينة كاملة، بنفس الطريقة التي يحصل فيها الشخص على متجر تطبيقات للهواتف النقالة. وتهدف المبادرة إلى تمكين المشروعات والمواطنين والمجتمعات من استخدام التطبيقات في أسرع وقت ممكن«.
ويُمكن استخدام الشبكة، على سبيل المثال، لمراقبة صحة السكان المسنين، أو متابعة حركة راكبي الدرّاجات حول المدينة، أو تصميم نموذج افتراضي محاكي للواقع لبعض أعمال التطوير الجديدة.
وتُفيد بعض التقارير بأن بريستول قد شهدت تجربة للسيّارات دون سائقٍ، وأنه يُمكن استخدام شبكات المدينة فائقة السرعة للمساعدة في فهم بيانات تلك الاختبارات.
طبقة رقمية
واعتبر ستيفين هيلتون، مدير مجموعة»فيوتشرز«في مجلس مدينة بريستول، أن شبكات الألياف والشبكة اللاسلكية في بريستول تُشكّل»طبقة رقمية«يُمكن أن تُساعد على تحسين سير الأعمال في المدينة. ويُمكننا أن نشغل المجسات بسهولة، والبدء بفهم كيفية قياس ومراقبة وحساب وبرمجة المدينة.
ويُمكن استخدامها، على سبيل المثال، لتتبع الرحلات التي يقوم بها الأفراد حول المدينة بدقة أكبر، أو توفير معلومات مفصّلة حول حجم الطاقة المستهلكة في مبانٍ أو مناطق مختلفة في المدينة.
ولفت إلى أن المبادرة، بالإضافة إلى استخداماتها العملية، يُمكنها أن توفر للسكّان رابطًا ثقافيًا أفضل بالمكان الذي يعيشون فيه كذلك. على سبيل المثال، تم توصيل قبة النظام الشمسي للمدينة بشبكتها الذكية، ما سمح بعرض بيانات النظام على 4 آلاف شاشة فيديو.
وتابع:»نطمح إلى أن يكون لدينا عدد كبير من المشروعات الصغيرة -من شركات ناشئة، أو جديدة، أو الأعمال الصغيرة التي تحظى بفرصة تحقيق مستوى مرتفع من النمو- التي تستطيع أن تصل إلى الشبكة لتجرّب تطبيقاتها وحلولها الجديدة لأول مرة على نطاق المدينة«.
وثمة استعمالات لا تحصى لشبكة بريستول في العالم الواقعي، ومنها مشروع مُقترح يُدعى»عقل بريستول«الذي يتخيل نموذج عملاق ثلاثي الأبعاد (ومطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد) للمدينة، يُمكن من خلاله عرض بيانات مباشرة من مجسات المدينة، مثل مستوى جودة الهواء والحرارة وحركة المرور. ويقول هيلتون إنه يُمكن استخدام هذه التقنية كجزء من تجربة»الواقع الافتراضي«لمتابعة تأثير التطورات الجديدة للمدينة على جوانب مختلفة مثل حركة المرور ومستويات الضوضاء.
المصدر: البيان