بيروقراطية القطاع الخاص

آراء

عندما أطلقت حكومة دولة الإمارات قبل عامين برنامج تصفير البيروقراطية في المؤسسات الحكومية، حينها لم يكن مركز الإمارات في مؤشرات تسهيل الأعمال والخدمات الحكومية متأخراً، بل على العكس متقدماً عالمياً، وإذا نظرنا عربياً، كانت الإمارات الأولى.

وعندما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات، عن البرنامج آنذاك كان هدفه أن يكون إلغاء البيروقراطية ممارسة يومية وثقافة عامة ترتبط باسم دولة الإمارات.

لم يستغرق الأمر طويلاً، إذ بدأت المؤسسات والدوائر والوزارات بتشكيل فرق العمل لإعادة بناء هياكل الإجراءات التي يتم التعامل معها يومياً لإنجازها بيسر وسهولة وبتقنية عالية، فيما دخلت في سباق مع نفسها ومع غيرها، لتقليل الإجراءات إلى أقل المستويات، بينما أعلن مجلس الوزراء عن جائزة مالية مليونية لفريق العمل الذي ينجح في تقليل الإجراءات أكثر، وتقديم جيل جديد من الخدمات المتكاملة الاستباقية لتكون حكومة الإمارات الأفضل عالمياً.

هذا ما فعلته وتفعله الحكومة ومؤسساتها المختلفة في الإمارات.. لكن ماذا عن بقية مقدمي الخدمات؟ فالحكومة جزء و«ليست كل» منظومة الخدمات في البلاد.. نتحدث هنا عن الشركات شبه الحكومية، وعن البنوك والتأمين، والشركات العقارية والمطورين.. نتحدث أيضاً عن شركات الصيانة وخدمات ما بعد البيع، وعن الاتصالات والطيران والشحن وتوصيل الطرود والطعام، وغيرها الكثير الكثير.

شركات القطاع الخاص في العالم مكون أساسي في منظومة الخدمات وتعاني البيروقراطية، وفي بعض الأحيان خدماتها وإجراءاتها منفرة.

ندرك أن خدمات القطاع الخاص مبنية على التنافسية، لكن هناك في بعض القطاعات تكون هذه الشركات هي المسيطرة لأنها تملك الصبغة الاحتكارية أو شبه الاحتكارية، فتتعامل مع المراجعين وطالبي الخدمة ضمن إجراءات معقدة لا تتناسب وثقافة تصفير البيروقراطية التي تعمل الحكومة جاهدة على تنفيذها، لنجد أن المؤسسات الحكومية في الإمارات، خلافاً للسائد في العالم، متقدمة على «الخاص».

القطاع الخاص في الإمارات مطالب بالارتقاء بخدماته، ومواكبة توجهات الحكومة وتبنّي نماذج عمل ذات كفاءة وفاعلية، والوصول إلى إجراءات بسيطة وسريعة وسهلة وأكثر سلاسة بما يحقق تنافسية أعلى وخدمات أفضل، فتحقيق الأرباح هو هدف الجميع لكن استثمار جزء منها في التقنية وإعادة هيكلة الدوائر والأقسام واجب على إداراتها لتبقى متقدمة.

إذا كان مجلس الوزراء هو الموجه والمتابع والمحفز والرقيب على الخدمات الحكومية، فإن هكذا دور بالنسبة للشركات شبه الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص، يمكن أن تشرف عليه وزارتا الاقتصاد والمالية ومعهما المصرف المركزي، وغرف التجارة والدوائر الاقتصادية والعقارية والمجالس التنفيذية التي تتبع لها الشركات شبه الحكومية وغيرها.

الإمارات تتصدر المشهد الآن في العالم في التقنية والذكاء الاصطناعي، وخدماتها الحكومية في المقدمة، وجهودها بارزة في مكافحة البيروقراطية، وقطاعها الخاص مطالب بأن يكون على مستوى المرحلة.

المصدر: الخليج