كاتبة سعودية
بصراحة، لا تتجاوز اهتماماتي بالشأن الرياضي عن قدر اهتمامي بممارسة المشي نصف ساعة أو يزيد للحفاظ على صحتي، بجانب أني “أهلاوية” كوني ورثتُ تشجيعه عن أسرتي تضامنا معهم، لهذا ليس لي في “النصر” ولا في “الهلال” سوى اللعب الجميل والنظيف في الملعب، لكن ما تناقلته الأخبار الأسبوع الماضي حول انفجار الخلاف بين الكابتن سامي الجابر والإعلامي بتال القوس، أعلن خلاله الجابر توجهه للقضاء، وهو أمر حضاري يرتفع بالطرفين عن المشادات الشخصية الإعلامية التي قد تزل بقدم أحدهما لما لا يُحمد لتاريخهما، فليس هناك أفضل من القضاء والقانون للفصل بمثل هذه الحالات.
ولكن أن يصل الأمر بالجابر إلى رفع تظلم إلى جهات عليا أمر لم أستسغه أبدا، والمستغرب تضامن رئاسة نادي الهلال مع رغبة الجابر هذه رغم أن المسألة باتت شأنا عائليا ولا علاقة لها بالملعب، وقد يؤدي دعم النادي لهذا الأمر إلى حساسيات اجتماعية يُخسره بعض جماهيره، وحسبما قرأت مما تم تناقله عن الجابر من أخبار، أظن أنه قد أوقعه غضبه في العنصرية التي رفضها كإساءة موجهة له بقراره الأخير بالرفع بشكوى لدى الجهات العليا، فمن حقه أن يدافع عن نسبه وتاريخ عائلته ـ من دون شك ـ ومحلّ ذلك هو القضاء، ولكن ليس إلى درجة يُفهم فيها من تصريحاته أن السعوديين الذين لا يمتد تاريخ أنسابهم للصحراء أو المنطقة الوسطى دون غيرها يتم التشكيك في سعوديتهم! هذا أمر غير مقبول نهائيا، ففي منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة مثلا، هناك عائلات سعودية معروفة تعود أصولها إلى أصول حضرمية ومصرية وشرق آسيوية وغيرها، وتقطن في الحجاز منذ مئات السنين، فهل يعني أن هؤلاء كون أصولهم تعود إلى خارج الصحراء أو منطقة بعينها فذلك مبرر ليتم التشكيك في سعوديتهم؟! ولهذا فإن إدخال الجهات العليا في مثل هذه القضية أمر محرج لها، ولن يؤدي إلا لزيادة العصبية في خطاب المواطنين ضد بعضهم بعضا، وزيادة هذه النعرة الجاهلية والعنصرية كمرض اجتماعي خطير في تصنيف المواطنين “سعودي أصلي و غير أصلي!” والحقيقة أن كل من يحمل الهوية الوطنية هو سعودي وابن هذه الأرض، ما دام يقوم بخدمتها ويحافظ ويخاف عليها ويؤدي واجبه تجاهها، أما مسألة الأصل والفصل والنسب فهي شؤون خاصة، ومن أراد أن يتورط فيها، فمكانها المحاكم التي أتمنى من قضاتها أن يكونوا أكثر حكمة في تناولها، لحساسيتها الاجتماعية والوطنية، ولا ننسى قضية منصور وفاطمة التي دخلت المحاكم لتخرج علينا بقضايا “الطلاق لعدم كفاءة النسب”، وكيف كان تأثيرها خطيرا على وحدة النسيج الاجتماعي، الذي هو الهدف الأول لدى القيادة بهذا الوطن العظيم، ويقف على ترسيخها بنفسه خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ رافضا التصنيف ونابذا العصبية التي تعيدنا إلى الجاهلية الأولى.
أخيرا، هذا الخلاف بين الجابر والقوس لا علاقة له بالملعب ولا بالكرة السعودية، وبحسب علمي كثير من اللاعبين السعوديين في فرق كالاتحاد والأهلي وغيرهما يعانون من هكذا تنابز بالألقاب والألوان، فليس ما حصل مع الجابر أمرا جديدا، وهذه الإفرازات لا تعني سوى أن هناك من يُصر على أن يعيش في الجاهلية الأولى!.
المصدر: الوطن أون لاين