كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
قد تخلق الأزمة مبدعا، وقد تكشف أزمات عن طاقات كامنة لدى البعض، لم يجدوا فرصة لإظهارها؛ لانشغالهم في معترك الحياة وتأمين متطلباتها.
مصطفى حميدي، مدرس اللغة الإنجليزية المتمكن من مادته، والمعروف بإخلاصه لمهنته في مدينته الرقة التي خرج منها ليستقر خارجها ريثما تنتهي الأزمة السورية، اكتشف ذاته الكتابية في لحظة حوار داخلي، فكان أن كتب في تجربته القصصية الأولى نصا سرديا يحتوي العمق والفكرة والرؤية. وإلى ذلك فلغته السردية السلسة تصل إلى المتلقي بهدوء، فلا تكاد تبدأ القراءة حتى تستمر إلى النهاية. لم يوظف في نصه ما ألفناه من مفردات استهلكت لدى الكثير من جماعة السرد، فاتسمت محاولته الأولى بالعفوية والبساطة، وامتلك أيضا حسن الختام، إذ أقفل نصه بطريقة السهل الممتنع.
حميدي يؤكد أنه ليس كاتبا بل مجرب، وأرى ويرى كثير ممن اطلعوا على نصه أنه قادر على الاستمرار والتحليق في عالم السرد، ومع متابعة المحاولات، فإنه سوف يكتشف أدواته ويصنع مفرداته الخاصة وكذلك لغته، فالمحاولة التي قرأتها ليست في حقيقتها مجرد بداية، بل هي نتاج تجربة حياتية وثقافة مخزونة في الذاكرة من قراءاته باللغتين العربية والإنجليزية، وأذكر أنه كان يقرأ بشغف، ويهتم بحضور الأمسيات الأدبية أيام الدراسة في جامعة حلب، ولذلك فهو لا يكتب من فراغ، بل يرتكز على مكونات راسخة في ذهنه، ولعله إذ يجمع عصارة مخزونه، يستطيع تكوين هوية خاصة لا يشبه بها غيره.
إشكالية مجتمعاتنا التي لا تنتهي هي وجود المحبطين، فلم يكد حميدي ينشر نصه الأول الذي عنونه بـ”المرسم” على صفحته في “الفيس بوك” حتى جاءته انتقادات وسط عبارات التحفيز، من بينها انتقاد يتحدث عن “الركاكة والضعف في أجزاء من النص، مما يجعله غير صالح للنشر”، ويقول حميدي إن الصديق “نصحه ـ باعتباره قارئا جيدا ـ بالتوقف عن الكتابة والتركيز على اللغة الإنجليزية”، ويتابع حميدي: “قد أتخيله يقول في نفسه إن أنت إلا دعيّ يتطفل على موائد الكتابة ويقتحم وسطا أكبر منه بكثير”.
ويبدو أن ذلك الصديق لم يعرف حينها أن النص نشر في صحيفة معروفة تحت عنوان: “فلسفة في مرسم فنان”، ولن أخفي أني من رشحها للنشر حينها لقناعتي بأن النص يستحق، واتفقت مع المحرر على العنوان ليتجانس مع الفكرة، فمن الجميل أن يكسب الوسط الأدبي قلما مخلصا يسعى لبث مكنوناته النقية، وما أحوج ساحتنا الكتابية لمثل هذه التجارب الصادقة.
تابع يا صديقي مصطفى، ولعلي أكون في صدارة من يقتنون إصدارك الأول.
المصدر: الوطن أون لاين
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=22761