كاتب سعودي
تضمن الحديث الذي أدلى به سمو الأمير محمد بن سلمان ما عده المراقبون والمثقفون رد اعتبار للحضارات التي شهدتها الجزيرة العربية في حقبة ما قبل الإسلام وذلك حين تحدث سموه عن متحف للآثار يضم بين مقتنياته آثار الحقب التاريخية والحضارات القديمة التي سبقت ظهور الإسلام، ولا سبيل لنا كي ندرك قيمة ما تضمنه حديث الأمير إلا إذا ما تذكرنا ما درجت عليه كتابات كثير من المؤرخين من تجاهل لتاريخنا السابق لظهور الإسلام وما يذهب إليه خطاب كثير من المتشددين من إدراج ذلك التاريخ تحت مسمى الجاهلية ومن ثم إثارة الريبة حول كل محاولة للعناية به والكشف عن قيمه الحضارية متجاهلين ما أكده النبي عليه أفضل الصلاة والسلام من أنه بعث متمما لمكارم الأخلاق، وهو ما يعني أن ثمة قيما وحضارات جديرة بإعطائها حقها من الرعاية والاهتمام.
هذه النظرة الدونية لتاريخنا السابق على البعثة المحمدية وقف حجر عثرة دون إحياء كثير من الأعمال التي كانت تمثل أنموذجا للعناية بذلك التاريخ، ولعل الكثير منا يتذكرون تلك الأصوات التي كانت تسنكر مشروع إحياء سوق عكاظ ولم يكن لذلك المشروع أن يرى النور لولا إصرار سمو الأمير خالد الفيصل بما اتسم به سموه من وعي حضاري ومعرفة بضيق أفق من كانوا ينكرون ذلك المشروع ويعتبرونه إحياء لسنة من سنن الجاهلية ومعالمها، ولعل القليل منا لا يزالون يتذكرون كيف أن تلك الأصوات المتشددة نجحت في تعطيل مشروع الشيخ حمد الجاسر الذي كان يهدف إلى اكتشاف طريق الفيل من اليمن إلى مكة، وكيف تحول قسم الآثار في جامعة أم القرى إلى قسم الحضارة الإسلامية وكيف تحول عنوان محاضرة الشيخ حمد الجاسر نفسه في نفس الجامعة من الآثار في مكة كما تم تفاهم اللجنة الثقافية، والتي كنت عضوا فيها، معه ليصبح التراث في مكة.
سمو الأمير محمد بن سلمان أعاد لتاريخنا القديم اعتباره مؤكدا أن لهذا الوطن تاريخه العريق الذي جاء الإسلام ليزيده قوة وعزة ومتانة، تاريخ لا تزال آثاره شاهدة عليه ولا تزال المصادر تتحدث عنه يكاد يعرفها الجميع سوانا نحن من تعرضوا لتجهيل مبرمج بهذا التاريخ العريق.
المصدر: عكاظ