أثارت أشرطة فيديو مسربة من «سجن رومية» لموقوفين يتعرضون للتعذيب والضرب بطريقة مهينة وغير إنسانية، على أيدي عناصر أمنية لبنانية، موجة من الانتقادات في لبنان، ما أدى إلى إعلان كل من وزيري الداخلية والعدل عن اتخاذهما إجراءات لمحاسبة الفاعلين وتوقيف عنصرين من رجال الأمن ثبت تورطهما، بينما وصفها مسؤولون سياسيون بـ«الفضيحة».
وسادت حالة من التوتّر بين أهالي موقوفي سجن رومية الذين يتحدّر معظمهم من منطقة الشمال، ولا سيما طرابلس، ويعرفون بـ«الموقوفين الإسلاميين»، كما عقدت اجتماعات بين فعاليات المنطقة للتحضير لتحركات في الساعات المقبلة.
ووصف وزير العدل أشرف ريفي مشاهد تعذيب الموقوفين بـ«الجريمة بحق الإنسانية»، بينما قال وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق: «أتحمل مسؤولية المداهمات في سجن رومية والأخطاء التي حصلت خلالها». وأدان المشنوق في مؤتمر صحافي عملية تعذيب السجناء، مؤكدا أنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق العسكريين الذين قاموا بهذه الارتكابات.
وكشف عن توقيف اثنين من رجال الأمن الذين نفذوا هذه العملية، داعيا إلى عدم استغلال ما جرى سياسيًا، وشدد على أنه لا يجوز «إدانة مؤسسة وأبطال قوى الأمن الذين أنقذوا المبنى (ب) في رومية».
وأشار المشنوق إلى أن معاقبة العسكريين الذين نفذوا هذا العمل ستكون ضمن القانون، وقال: «لطالما كنا ندين الأعمال التي تحدث داخل السجون السورية من اعتداءات وتعذيب، ولن أقبل بأي من هذه الأعمال داخل السجون اللبنانية».
وكان المكتب الإعلامي للمشنوق أصدر بيانا صباح أمس أشار فيه إلى أنه وبعد اطلاع وزير الداخلية على أشرطة تعرض مساجين للضرب المبرح من قبل عناصر أمنية، تبين أن هذه الأشرطة صورت في مرحلة مواجهة التمرد الأخير ودهم المبنى «د» في سجن رومية، لافتا إلى أن المشنوق أعطى توجيهاته إلى المراجع الأمنية المختصة بضرورة إجراء تحقيق شفاف وفوري. وأكد المكتب أن المشنوق أحال المرتكبين إلى القضاء المختص لإنزال أشد العقوبات بهم، لافتا إلى إجرائه اتصالا بوزير العدل أشرف ريفي وتم الاتفاق على التنسيق لمتابعة التحقيقات في مثل هذه الارتكابات، وتطبيق القانون في السجون اللبنانية بما يحقق كامل الحقوق الإنسانية للمساجين.
وفي مؤتمر صحافي له بعد لقائه وفدا من هيئة العلماء المسلمين، أشار وزير العدل أشرف ريفي إلى أن ما حصل «جريمة في الوطنية والإنسانية»، وأكد أنه سيتابع التحقيقات حتى النهاية. وقال: «هذه الجريمة لا يمكن أن تمر من دون عقاب. وتم توقيف اثنين من الفاعلين واتصلت بمدعي عام التمييز وطلبت منه متابعة التحقيقات حتى النهاية».
وكان ريفي كذلك قد أصدر بيانا قال فيه: «انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أشرطة فيديو تظهر تعرض بعض الأشخاص للتعذيب بأسلوب وحشي وهمجي. بناء على ذلك اتصل وزير العدل بالنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود وطلب منه إجراء تحقيق فوري لكشف هوية الفاعلين والمتورطين، تمهيدا لإحالتهم أمام القضاء المختص وإنزال أشد العقوبات بهم».
من جهته، أشار حمود، في تصريح له، إلى أنه يتم التحقيق حاليا مع عنصرين من قوى الأمن الداخلي قاما بتعذيب أحد الموقوفين في سجن رومية، الذي توزعت صورته على «يوتيوب».
وفي تعليق له على مشاهد التعذيب، قال رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط: «كأنه مشهد في أحد السجون السورية». واعتبر أنه «أمر معيب، لذا يجب معاقبة الفاعلين أشد عقوبة وإقالة المسؤولين، كما يجب الإسراع في محاكمة الإسلاميين والانتهاء من هذا الملف فوق كل اعتبار».
من جهته، طالب رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي بتحقيق سريع وشفاف في قضية الأفلام المسربة عن تعذيب سجناء وموقوفين في سجن رومية، لتبيان الحقيقة.
يذكر أنّ أهالي الموقوفين كانوا قد أكدوا تعرض أبنائهم للتعذيب عند تنفيذ العملية في السجن في أبريل (نيسان) الماضي، الذي يتسع لنحو 2500 سجين، بينما يضم بين جدرانه اليوم نحو 7000 سجين، وتعهّد حينها وزير الداخلية بإجراء تحقيقات في الأمر.
بيروت: «الشرق الأوسط»