كاتب إماراتي
المشوار الاعتيادي لشركات تحويل الأموال يعرفه معظم الربع، فهناك من يذهب للصراف شهرياً ليحول إلى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق (لشراء جاكيتات)، فكما تعلمون ظروفنا «المناخية» لا تسمح بالتهاون في هذا الأمر، وهناك من يحول «صدقة وزكاة» إلى جهات الدنيا الأربع، ولا أحد من المحولين يجرؤ على أن يكتب في ورقة التحويل «نفقة»، وكان الله في البدء وفي الخاتمة في عون لجنة البحث عن أبناء المواطنين، التي تركض خلف الشباب الذين يركضون بدورهم خلف… بوعليان!
هذا الأسبوع ذهبت لتحويل مبلغ إلى أحد الزملاء في دولة خليجية، ففاجأتني شركة الصرافة بطلب مبلغ 200 درهم رسوم تحويل، وهو ما أحسبه على طريقة العرب بـ«سعر تفويلة» للسيارة، بينما كنت أرى الزملاء يحولون إلى بوسطن وغينيا بيساو وسان بطرسبرغ وحي أغدال بعُشر هذا المبلغ، وهو ما يساوي بنظام الكم العربي «بطاقة رصيد»، وحين سألت الموظف عن عدم منطقية هذا الأمر أجابني بآلية من اعتاد إجابة هذا السؤال كثيراً: من دولة خليجية إلى دولة خليجية السعر مرتفع، سألته عن السبب، فقال بصدق حسدته عليه: «يا أخي أنتم عندكم فلوس»!
لا أعرف كيف سنجبر العالم على احترامنا، وعلى تذوق فنوننا وكتاباتنا وتراثنا، ونحن نسمح لشركاته في الوقت نفسه بأن تنظر إلينا هذه النظرة الضيقة كمصدر للمال.. وللمال فقط.. العبارة مؤلمة بل ومؤلمة جداً لمن يعرف ما خلفها! لهذا لم تتغير صورتنا ـ منذ مدة طويلة ـ في الأفلام الهوليوودية، فنحن دائماً ذلك السمين الغبي، الذي يدفع بسخاء، لهذا السيارات والإلكترونيات وخدمات الاتصالات والمنتجات الغذائية والخدمات الترفيهية تصل لدينا إلى حدها الأعلى عالمياً، لأننا لا نحتج، ولا نطالب بحقوقنا، خوفاً من أن يعتبر ذلك انتقاصاً، بينما الانتقاص الحقيقي هو السماح للآخر بألا يرى منا سوى هذا الجانب، وهو في النهاية جانب قدري ورزقي!
ثم كيف تسمح الجهات المعنية، مثل «حماية المستهلك»، وغيرها، للشركات العاملة بأن تكون بهذه الصلافة، «حماية المستهلك» ـ مع كل الاحترام للجهود المبذولة ـ ليست فقط في إجبار سينما على الحفاظ على أسعار التذاكر، لكنها أيضاً في حفظ المستخدم داخل الدولة من ألا يكون مكافئاً للمستخدم في خارجها، ومراقبة الشركات العالمية والدولية في هذا الأمر.
المهم أني حولت الفلوس إلى ربيعي، واشترينا «مطية»، وسميناها «القَشرَة»! سعرها في الخليج أرخص من عندنا!
المصدر: الإمارت اليوم