رئيس تحرير صحيفة الرؤية
مَن مِن الذين يعيشون بيننا من الآباء والأمهات والجدات والأجداد من كبار السن حفظهم الله كان يتخيّل قبل خمسين عاماً، أن تصبح أبوظبي على الصورة التي هي عليها اليوم، من بلدة صغيرة في جزيرة على ضفاف الخليج العربي تضم مجموعة من البيوت البسيطة على تلك الرمال البيضاء – كبياض قلوب أهل هذه المدينة – إلى مدينة عصرية متطورة لا تختلف عن أي مدينة أوروبية أو أميركية؟
بلا شك أن لا أحد كان يتخيّل ولا حتى ربع هذا التطور الذي شهدته المدينة خلال خمسة عقود. لكن المعجزة حدثت وأصبحت واقعاً نعيشه جميعاً، مدينة ذات بنية تحتية قوية وبناء عمراني حديث وجميل وشعب متعلم متسامح يتقبل الآخر، وهذا لم يحدث بالمال فقط، وإنما بالإرادة والعمل، وبالإيمان بالحلم، فهذا ما فعله الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، والرعيل الأول من الرجال المخلصين.
اليوم ونحن نعيش عصر التطور والتكنولوجيا والانفتاح على العالم وحلم الوصول إلى الفضاء أصبحت لدى كل واحد منا فرصة ذهبية كي نشارك في رسم صورة مستقبلية لمدينتنا التي نعشقها والتي نراها أجمل مدن العالم وفيها نشعر بالانتماء العميق ولها نشعر بالشوق الكبير عندما نبتعد عنها.
وفرصة تخيّل مدينة أبوظبي ليست صعبة وليست مقتصرة علينا كمواطنين، وإنما كل ساكن في هذه المدينة لديه الفرصة كي يحلم بمستقبل المدينة التي يعيش فيها، بل وسيكون هناك مجال لزوار العاصمة لكي يشاركوا بأفكارهم ومقترحاتهم، كل ذلك من خلال مبادرة «تخيّل أبوظبي» التي أطلقتها الحكومة في الأسبوع الماضي، فكل التقدير لهذه المبادرة ولهذه الخطوة بفتح المجال أمام الجميع للمشاركة بمئات وآلاف الأفكار، والتي سيتم اختيار عشر أفكار متميزة منها لتنفيذها، وسيتم تكريم من تقدموا بها.. والتكريم جميل، لكن أكبر تكريم هو أن نفوز باختيار فكرتنا ليتم تنفيذها وتصبح واقعاً في المدينة التي نحبها.
عندما نبدأ بتخيّل أبوظبي، فإننا بلا شك ننطلق من روح هذه المدينة التي تتمثل في الرحمة والحب، وننطلق من أسلوب هذه المدينة التي يتعايش فيها الجميع بانسجام وهدوء، ومن شكل هذه المدينة التي تبدو متطورة وحديثة، ولكنها عربية أصيلة خليجية إماراتية تعتز بهويتها، وعالمية لا تشعر من يسكنها بالغربة.
لنحلم بمدينتنا في المستقبل بلا قيود ولنطلق العنان لخيالنا ولنضع بصماتنا لمستقبل الأجيال المقبلة، لنكن حالمين بلا حدود ولنر ونرسم أبوظبي المستقبل في أجمل وأفضل وأبهى صورة، فأبوظبي تستحق كل جميل وأبناؤنا والأجيال المقبلة يستحقون أن نقدم لهم هدية كبيرة بقدر رغبتنا بأن يكونوا سعداء.
المصدر: الاتحاد