شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجوماً كاسحاً على إيران، متهماً إياها بأنها «فقدت احترامها للولايات المتحدة»، وصارت تتصرف «بجرأة»، وجدد وصفه للاتفاق النووي بأنه «أغبى صفقة»، لكنه بدا غامضاً تجاه شروعه في عمل عسكري ضد طهران، في وقت أصدر مستشار الأمن القومي مايكل فلين، بياناً وصف فيه إيران بأنها «أكبر راع للإرهاب، وتدعم الأنشطة العنيفة لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط»، في الأسبوع نفسه الذي صدرت ضدها عقوبات على 25 من الأفراد والكيانات تقدم الدعم لبرنامج إيران الصاروخي الباليستي. بينما قال الكرملين في أول تعليق له على هذه التطورات أمس، إنه «لا يتشارك الولايات المتحدة موقفها من طهران».
وقال الرئيس الأمريكي ترامب في مقابلة خاصة مع شبكة «فوكس نيوز» جرى بثها أمس، إن إيران صارت لا تحترم الولايات المتحدة في أعقاب الاتفاق النووي 2015 الموقع بين طهران والدول الكبرى (5+1) الذي قادته الولايات المتحدة، واردف أن إيران صارت تتصرف ب«جرأة بموجب الاتفاق وتعمل على زعزعة الاستقرار في الساحة العالمية»، وجدد ترامب القول عن الاتفاق بأنه كان «أسوأ صفقة. كانت الصفقة التي ما كان أبداً ينبغي أن نفاوض عليها».
وواصل ترامب هجومه لحد القول عما جنته بلاده من الصفقة مع طهران «لقد فقدوا احترام الولايات المتحدة، لأنهم لا يعتقدون أن أي شخص يمكن أن يكون غبياً لإبرام صفقة من هذا القبيل التي جعلت إيران الآن أكثر جرأة» وأشار إلى عدد من الحوادث التي وقعت في العام الماضي في الخليج العربي، حيث كانت الزوارق الإيرانية تحيط وتضايق السفن الأمريكية.
واستمر ترامب في هجومه على الاتفاق وقال «أعطيناهم مبلغ 1.7 مليار دولار نقداً، الذي لم يسمع به أحد… وليس لدينا شيء لإظهار ذلك»، في إشارة إلى إرسال إدارة أوباما أموالاً لتسوية دعوى تحكيم قديمة بين الولايات المتحدة وإيران، التي سلمت 400 مليون دولار لطهران في اليوم نفسه الذي وافقت فيه طهران على إطلاق سراح أربعة سجناء أمريكيين.
ورداً على سؤال «فوكس نيوز» إن كان يدرس الخيار العسكري رداً على عدد من التجارب الصاروخية الأخيرة من قبل إيران، عطفاً على تعليقه السابق الذي قال فيه «لا شيء مستبعد من على الطاولة»، بدا ترامب أكثر غموضاً، إذ قال أمس خلال المقابلة التلفزيونية: «سنرى ما سيحدث… لم أتكلم عن تحركات عسكرية».
وفي السياق نفسه قال مستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل فلين في بيان اصدره أمس، يتهم فيه إيران بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، «إن جمهورية إيران الإسلامية هي أكبر دولة راعية في العالم للإرهاب وتشارك في و دعم الأنشطة العنيفة التي تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط، ويبدو أن هذا السلوك مستمر على الرغم من صفقة مواتية للغاية مع إدارة أوباما. ترفع العقوبات عن إيران وتستهدف هذه السلوكات»، وقال فلين إنه منذ وافقت الإدارة السابقة للتوقيع على الاتفاق النووي مع إيران في عام 2015، استمرت طهران في «السلوك العدائي»، ودافع فلين عن وجهة نظره السابقة في البيان الذي استدل فيه بقيام طهران باختطاف عشرة من البحارة الأمريكيين، واثنين من زوارق الدورية في يناير/كانون الثاني عام 2016، إلى جانب التحرش غير المبرر لها مع حركة السفن في الخليج، إضافة إلى إجرائها تجارب الأسلحة المتكررة كأمثلة على مثل هذا السلوك. وأضاف «نشرت إيران صواريخ لقوات الحرس الثوري في مناورات يوم السبت الماضي، في استعراض للتحدي بعد يوم من فرض الولايات المتحدة عقوبات على اختبار وإطلاق صواريخ بالستية»
وأشار فلين أيضاً في بيانه إلى دعم إيران «للجماعات الإرهابية التي تحارب بالوكالة، مثل ميليشيات الحوثيين، الذين هاجموا سفينة حربية سعودية في البحر الأحمر الأسبوع الماضي». وأوضح فلين «إن المجتمع الدولي كان متسامحاً جداً مع السلوك السيئ لإيران السيئة. وإن طقوس عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعاً طارئاً وإصدار بيان قوي لا يكفي. وإن إدارة ترامب لن تتسامح مع الاستفزازات الإيرانية التي تهدد مصالحنا»، وأضاف «الأيام التي نغض الطرف فيها عن تصرفات إيران العدائية والعدوانية تجاه الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، قد ولت».
في وقت سارعت روسيا، أمس، للرد على تصريحات ترامب لقناة «فوكس نيوز»، وقال الكرملين إنه لا يتفق مع تقييم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإيران باعتبارها «الدولة الإرهابية الأولى»، ويريد تعميق ما وصفه بأنه علاقات طيبة بالفعل مع طهران.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين في مؤتمر عبر الهاتف مع الصحفيين إن موسكو ترى الأمور بشكل مختلف، وأضاف «روسيا تربطها علاقات ودية على شكل شراكة مع إيران، ونتعاون في نطاق واسع من القضايا، ونقدر علاقاتنا التجارية، ونأمل في توطيدها بدرجة أكبر». وواصل بيسكوف حديثه أن بلاده «لا ترى هناك ما يدعو لأن تعطل الخلافات السياسية بشأن إيران التقارب مع الولايات المتحدة»، وتابع «ليس سراً أن وجهات نظر موسكو وواشنطن تقف على طرفي النقيض في الكثير من القضايا الدولية». وأضاف «يجب ألا يمثل ذلك عقبة في ما يتعلق بإجراء اتصالات طبيعية وبناء علاقات عملية تقوم على أساس المنفعة المتبادلة بين روسيا والولايات المتحدة».
من ناحية أخرى، انتقدت روسيا خطوة إدارة ترامب الخاصة بفرض عقوبات على إيران بعد تجربة صاروخ بالستي، قائلة إن التجربة لا تنتهك الاتفاقات القائمة. وقال نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف عن العقوبات الجديدة: «نحن نأسف لسير الأمور بهذا الشكل».
يأتي ذلك في ظل تصاعد حدة التوتر في منطقة الخليج العربي، حيث حذر مسؤول حكومي إيراني كبير خلال المناورات العسكرية الإيرانية في محافظة «سمنان» أن صواريخ طهران قادرة على الوصول إلى «البحرين» و«إسرائيل» خلال سبع دقائق، من إطلاقها إذا شنت الولايات المتحدة ضربة عسكرية ضد إيران، بحسب ما نقلته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيراني مجتبى ذو النور مسؤول قوات الحرس الثوري السابق، إن «الصاروخ الإيراني قد يصل إلى البحرين حيث قاعدة الأسطول البحري الأمريكي الخامس في أقل من سبع دقائق، إذا اخطأ العدو -أمريكا- وهاجمنا» وأضاف «وهناك حاجة إلى سبع دقائق فقط لصاروخ إيراني لضرب «تل أبيب»».
المصدر: الخليج