كاتب إماراتي
هل يمكنك وأنت أنت، أن تمر على مجموعة واقفة من الناس وتقوم بمواجهتهم والسلام عليهم جميعاً ثم تلبسُ واحداً منهم وتتركه دون سلام؟! تخيل حجم التقطيع الذي سيحدثه فيك البقية لو أنك قمت بذلك! أو تخيل أنك دخلت إلى مقهى وطلبت «خمسة شاي» وكان الجلوس على الطاولة ستة، ووزعت الشاي وتجاهلت أحدهم.. ألن يقوم حينها ذلك «السادس» بتغيير اسمك في هاتفه الجوال إلى «فلان المب ريال».. هل يمكنك الدخول إلى مكتب أو شركة فيها 20 موظفاً لتقوم بدعوة 19 منهم على عرسك القريب وتتجاهل واحداً؟! هناك أمور محرمة لدينا.. وهي كما يقال «منقودة عند العرب».. وغير العرب بالطبع!
لذلك، فإن من أكبر الكبائر ما ارتكبه الكثير من الموظفين، أخيراً، بسفرهم بعد إجازة العيد، وقبل دوام الطلبة شهر سبتمبر المقبل، حين قاموا بتركنا خلفهم هنا في هذه الأجواء في تصرف لا يمت إلى العروبة والإنسانية وحسن الجوار بأي رابط، ما ذنبنا نحن الوطنيين المرابطين هنا في أعمالنا لكي يقوم أحد السخفاء بإرسال صورته بمنطقة ثلجية ما، ونحن نخرج من صلاة الظهر، ونتقافز قفز الزيت في المقلاة في «مثلث الموت»، وهو المثلث ما بين باب المسجد والميضأة ومنطقة نزع النعول، وأنتم بكرامة، حيث يجب على جميع المصلين أن يتقافزوا بشكل مدروس بحيث لا تلمس أرجلهم الأرض إلا مرة أو مرتين في تلك الأمتار الثلاثة، تلافياً للإصابة بحروق الدرجة الثانية.. ثم بعد وصولهم إلى البيت يجدون صورة واحد لابس جاكيت وهو يبتسم ابتسامة التشفي تلك مع عبارة «اشتقنالكم.. فديت الإمارات»!
يضعون صورهم في محال هارودز ونحن نضع صورنا في «سفير مول»، يقومون بعمل «شوبنغ» في يوم الجمعة.. ونحن نقص ضفورنا قبل الصلاة.. يقومون بعمل مسيرات في الشانزليزيه، ونحن نقف أما كافتيريا رجب، الذي يرفض عماله تسليم كوب من «الكرك» ما لم تلتزم بقانون البلدية: أولاً «دور باركينغ رسمي، وثانياً ممنوع الـبيب بيب.. وإلا فسنترك الدرهم إلا الربع لك».
يأكل المسافرون معجنات وأكلات جميلة صورها تؤكد أن قوانين الهضم لا تنطبق عليها، لا يمكن لأكلة بهذا الجمال في هذه الصورة الرائعة أن تتحول إلى «…» بعد يومين، مستحيل.. بينما أقف أنا أمام مخبز كابول في شارع الخان أتساءل عن اليوم الذي سيسقط فيه هذا البطل الأفغاني في «التنور» ذي الفتحة الكبيرة، وكيف ستقوم صحيفتنا بتغطية الخبر.. هل نضعه في صفحة الحوادث أم صفحة الصحة، أم ربما في صفحة الطرائف.. «نجا من مذبحة قلعة جانجي ليسقط في تنور الخان»، أو ربما «وفاة خان في الخان»!
لنستلهم تجربة المملكة العربية السعودية في عدم السماح للمرأة بالسفر دون محرم.. نحتاج إلى تشريع بمنع «الربع» من السفر دون «ربعهم» الآخرين، للحفاظ على اللُحمة ووحدة الصف وصفاء القلوب، ولكيلا يخرج لنا من يطالب بأفكار اشتراكية تطالب بسفر الجميع أو عدم سفر أحد. كما يمكن أن تطلب السفارات ممن يرغب في السفر ورقة عدم ممانعة من «ربعه»، للتأكد من عدم حدوث خيانة.
وكما يقول الوطنيون المرابطون هنا في هذه المرحلة الحساسة.. أصلاً عادي.. ولا أعلم معنى هذا الرمز الذي يضعونه بعد العبارة : (
المصدر: الإمارات اليوم