كاتب وإعلامي سعودي
لا شك في أن الصورة النمطية للمملكة، دولة ومجتمعاً، تتعرض لهجمات وتشويه، بعضها لا شك في أنه متعمد، ويدخل في باب الابتزاز السياسي، وبخاصة أننا نجد التركيز على القضايا السعودية وتقديمها بصورة سلبية ترتبط في كثير من الأحيان باستحقاقات سياسية على المسرح الإقليمي والدولي، والحقيقة أن المملكة تتعرض لهجمات ممنهجة من بعض وسائل الإعلام الغربية، وبخاصة في أميركا وبريطانيا، ولكن في المقابل نجد غياباً واضحاً للصوت السعودي المدافع عمّا تقدمه تلك الوسائل، وهذا يثير الاستغراب عن أسباب هذا الغياب السعودي في تلك الفضاءات الإعلامية المنفتحة على الكل، وكلنا مثلاً يشهد وجود الصوت الإيراني حاضراً بقوة في الإعلام الغربي، على رغم أن العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين مرت وتمر بأزمات عدة. فلماذا نجد هذا التقوقع السعودي في الإعلام ومراكز الأبحاث الغربية، على رغم الإمكانات البشرية والمادية وعدالة القضايا السعودية؟
لا شك في أن كثيراً من القضايا التي يتلقفها الإعلام الغربي عن واقعنا المحلي تحتاج إلى قرارات تصحيحية ممن يملك القرار فيها، فقضية قيادة المرأة السيارة نجدها مطروحة في الإعلام الغربي في كل قضية، فلو أن هذه القضية وغيرها من قضايا المرأة حلت، لسحبنا من الإعلام الغربي مثل هذه القضايا التي تكون حاضرة فيه حتى لو كان موضوع الحدث، اقتصادياً أو سياسياً، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أعتقد أن أبناء وبنات أي وطن هم من يجب أن يكونوا في المقدمة للدفاع عنه في الإعلام الغربي، فشركات العلاقات العامة التي تلجأ إليها كثير من الدول تبحث فقط عن المكاسب المادية، وتجهل القضايا التي تدافع عنها.
يجب أن يكون لدينا جيش من الإعلاميين من شباب الوطن الذين يملكون الأدوات المعرفية واللغوية والثقافية، وأن يكون هناك مساحة من الحرية تتاح لهم، وأن يكونوا جاهزين للمشاركة في أية وسيلة إعلامية في الغرب، من دون الانتظار وتفويت الفرص للظهور في أوقات الأزمات، وبخاصة، ومن تجربة بعض الإعلاميين والمحللين السعوديين، أنه لا يوجد تواصل فعال عن موقف الجانب الرسمي حيال كثير من الملفات وهذا مما يجعلهم يجتهدون وقد لا يوفق بعضهم.
للمملكة تجربة في المكاتب الإعلامية في بعض العواصم العربية والغربية، وصدر قرار إغلاقها منذ حوالى 10 سنوات، ولا أعتقد أن تلك المكاتب كانت فعالة، بل إن أغلبها كانت للرصد الإعلامي مع إمكانات بشرية ومالية كافية.
الأسبوع الماضي ذكر وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي أن من مبادرات وزارة الإعلام إنشاء مكاتب إعلامية في الخارج لتصحيح صورة المملكة التي تعرضت للتشويه، وبخاصة في الربط بين المملكة والإرهاب، ونتمنى أن تكون هذه المكاتب مختلفة عن السابق من حيث المرجعية الرسمية، وأن تشرك المؤسسات والشركات السعودية المتخصصة في إدارتها، مثل المؤسسات الصحافية السعودية، أما من ناحية المحتوى فعلينا البعد عن أسلوب الإعلام الرسمي في الداخل، وأن تكون هناك استغلال للثقافة بمعناها الشامل، ومحاولة تقديمها للغرب بالطريقة التي يتقبلها العالم الآخر، وأتذكر تجربة هيئة السياحة والتراث الوطني في تقديمها للآثار السعودية في بعض العواصم الغربية. مثل تلك التجارب يجب أن نركز عليها في إبراز صورة المملكة الحضارية، واستخدام مفهوم الدبلوماسية الناعمة في تلك الدول.
المصدر: الحياة