برغم استعادة العديد من أحياء مدينة تعز هدوءها المفتقد منذ أكثر من عام ونصف العام بعد دحر الجيش الوطني والمقاومة للميلشيات الانقلابية، وفك الحصار جزئياً عنها، بتحرير أحد منافذها الرئيسية وفتح الطريق لشحن المساعدات الإنسانية والإغاثية، إلا أن المدينة التي طالما انفردت بقدرتها على إعادة إنتاج يومياتها الصاخبة ولعق جراحاتها واستعادة مظاهر الحياة العامة،فقدت القدرة على مواكبة حلول عيد الأضحى المبارك بالحد الأدنى من المظاهر الاحتفالية.
وفقاً للناشطة الاجتماعية بتعز «زينب أحمد عبد الله المقطري» في حديث ل«الخليج»، فإن الخراب والدمار في تعز حوَّلها إلى مدينة «منكوبة»، مشيرة إلى أن بعض الأحياء والشوارع أصبحت مرتعاً للأشباح نتيجة نزوح السكان بشكل كامل، الأمر الذي أضفى أجواء من الكآبة على المدينة.
ولفتت المقطري إلى أنه لا يوجد منزل في تعز لم يتعرض للقصف من قبل الميليشيات الانقلابية، وأعداد القتلى قياسية فيها، كما أن العديد من الجرحى والمصابين تفاقمت أوضاعهم الصحية جراء افتقادهم للحد الأدنى من الرعاية الطبية الضرورية بسبب الحصار الذي أفقر المشافي من قدراتها العلاجية، معتبرة أنه في ظروف عصيبة وكارثية كالتي تعيشها تعز يكون من الصعب الاحتفاء بحلول العيد، لأن الحزن الجاثم على نفوس سكانها طغى على إحساسهم بالاحتياج للفرح.
من جهته أكد ناصر عثمان المصعبي رئيس جمعية «كف الخير» الناشطة في المجال الإنساني في تصريح ل«الخليج»، أن تعز تحتاج لأكثر من خمسين ألف سلة غذائية بشكل عاجل، مشيراً إلى أنه وبالرغم من الجهود الحثيثة التي تقوم بها كل من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي ومركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية والإغاثة من خلال تقديم مساعدات إغاثية وبخاصة بعد فك الحصار جزئياً، إلا أن أعداد العائلات المتضررة كبير.
من ناحيتها لفتت نجاة أحمد عبد السلام جمعان، وهي اختصاصية نفسية كرست وقتها وجهدها لتقديم الدعم النفسي للأطفال المتضررين من تداعيات الحرب، إلى أن الكثير من أطفال تعز الذين فضلت أسرهم البقاء في منازلها وعدم النزوح يعانون تأثيرات نفسية حادة جراء أحداث العنف غير المسبوقة التي عاشت يومياتها المدينة، مشيرة إلى أن حلول العيد هذا العام لم يقابل بمظاهر الابتهاج التقليدية المتمثلة في خروج العائلات للتسوق وشراء مستلزمات العيد والتوجه للحدائق والملاهي المحدودة، التي أضحت أثراً بعد عين.
ونوهت بأن معظم أطفال تعز فقدوا القدرة على المرح والابتهاج بالعيد الذي يرتبط لدى أغلبيتهم بالخروج للشارع والتنقل بين المنازل، حيث لم يعد الشارع يحتفظ بمعالمه المألوفة ولم تعد المنازل مكتظة بالسكان الذين نزح الكثير منهم بسبب الحرب.
المصدر: الخليج