المملكة العربية السعودية من أكثر دول العالم إنفاقاً على التعليم، فحوالى ربع الموازنة العامة للدولة يذهب إلى قطاع التربية والتعليم، أي بحدود 220 بليون ريال من الموازنة العامة للدولة العام الماضي، إضافة إلى مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم والذي رصد له 80 بليون ريال للأعوام الخمسة المقبلة، والتساؤل الذي يطرح نفسه، هل هذا الاهتمام الرسمي، والمبالغ الخيالية انعكست على مخرجات التعليم لدينا؟

والجواب المعروف أن مخرجات التعليم العام لدينا دون المستوى المطلوب للأسف. نعم، قضية تطوير مثل هذا القطاع المهم تحتاج إلى فترة كافية، حتى نشعر بأن هناك تغيراً في مسار العملية التعليمية الشاملة لدينا.

للأسف، نجد هناك ممارسات وتفسيرات غير منطقية من بعض إدارات التربية والتعليم في بعض مناطق المملكة، لها علاقة بأركان العملية التعليمية، والقضية التي سأتحدث عنها هي: أن الإدارة العامة للتربية والتعليم بالمنطقة الشرقية، انفردت وحرمت الكثير من المعلمين الذين تقدموا بطلبات للتقاعد المبكر بحقهم من الحصول على العلاوة السنوية في آخر عام لهم بالخدمة، إذ أصدرت تعميماً ذكرت فيه أنه «إشارة إلى تعميم معالي نائب الوزير رقم 352128807 بتاريخ 27-11-1435هـ»، حددت فيه فترة التقاعد من بداية إجازة المعلمين السنوية من 27-8-1436هـ إلى 1-11-1436هـ، وعندما يطلب بعض المعلمين الذين تقدموا بطلبات للتقاعد المبكر في تلك الإدارة الاطلاع على تعميم معالي نائب وزير التربية والتعليم يرفضون محتجين بحجة أنه تعميم خاص بالإدارة، فهل هذا منطقي؟ فهؤلاء أفنوا أعمارهم في أشرف وأصعب مهنة في العالم، فمن حقهم أن يطلعوا على هذا الخطاب الذي تسبب في حرمانهم من العلاوة السنوية للعام الجديد، ويقلل من الزيادة المستحقة لهم في نهاية الخدمة.

أما الإدارة العامة للتربية والتعليم في الأحساء، فقد حددت فترة التقاعد بحسب التعميم الوزاري من 1-11-1436هـ إلى 7-4-1437هـ. وفترة التقاعد هذه تصب في مصلحة تقاعد المعلم، ففيها ينال العلاوة السنوية ويأخذ الدرجة التالية من السلم التعليمي.

ومعروف أن إدارة التربية والتعليم في الأحساء، حريصة جداً على تطبيق تعاميم الوزارة بحذافيرها، وكذلك أنها لا تؤخر التعاميم عن مواعيدها، فالتعميم صادر عن إدارتها في تاريخ 6-11-1435هـ، وتعميم إدارة التربية والتعليم في المنطقة الشرقية صادر في تاريخ 28-12-1435هـ، وهذا ديدنها في تأخير التعاميم، وعدم الالتزام بتنفيذ القرارات في مواعيدها.

فأي من الإدارتين اتبع التعميم الوزاري؟

وأي منهما ضل السبيل؟

على وزارة التربية والتعليم بقيادة الأمير خالد الفيصل، والذي لا يمكن أن يرضى بالتمييز بين المعلمين المقبلين على التقاعد المبكر في مناطق المملكة، وأن يترك لبعض المسؤولين في تلك الإدارات التعليمية تفسيرات غير منطقية لقرارات وزارية مهمة، ومتعلقة برواتب المتقاعدين من منسوبي التربية والتعليم، فالعلاوة السنوية ومكافأة نهاية الخدمة للمعلمين حق أقرته اللوائح التي ساوت بين الجميع وفي كل المناطق، فالتعميم الوزاري الذي أرسل إلى معظم المناطق التعليمية عن التقاعد المبكر، يقضي أن يكون التقاعد المبكر لعام 1436هـ-1437هـ، اعتباراً من الفترة 1-11-1436هـ إلى 7-4-1437هـ، فمن أعطى الحق لإدارة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية أن تخالف مثل هذا التعميم الواضح في الفترة المحددة للتقاعد المبكر.

كنت أتمنى أن تتسابق إدارات التعليم لدينا في برامج ومبادرات خلاقة في العملية التعليمية، وأن تفاجئنا بمطالب لتحفيز المعلم بدورات خارجية وداخلية للمعلمين، خصوصاً في فترة الإجازات الصيفية، وأن تعمل على حصول منسوبيها على تأمين صحي لهم، لكننا نفاجأ بمثل هذه التفسيرات غير المعروفة أسبابها في تحديد فترة تقديم طلبات التقاعد المبكر. على الجهات المسؤولة ألا تترك تفسير تلك القرارات المتعلقة بحياة هذه الفئة لمزاجية من يفسرون تلك القرارات بشكل خاطئ.

المصدر: الحياة
http://www.alhayat.com/Opinion/Akel-Il-Akel/5758969