يعد التعليم والإعلام من أهم العوامل التي أسهمت في بناء وتشييد دولة الاتحاد، فمن خلال التعليم تأسس جيل مثقف ومتعلم مستشرف للمستقبل ملتفّ حول وطنه، ومارس أدواراً محورية أسهمت في تعزيز سمعة دولة الإمارات وقوتها الناعمة، وتطوير عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة خلال العقود الخمسة الماضية.
ومن خلال الإعلام تم بناء ثقافة إماراتية ترسخ الهوية الوطنية الواحدة ، وتعكس رؤية الحكومة الرشيدة، حيث بادر أبناء الوطن والمقيمون من المتعلمين والمختصين والمهتمين والموهوبين بدخول المجال الإعلامي، وأصبح الاهتمام ينصبّ على متابعة ورصد أخبار الوطن وإنجازاته، والتعلق بقيادات الوطن ورجاله المخلصين الذين أسهموا في نهضة الوطن والمواطن، والاحتفاء بأبناء الإمارات المتميزين والمبدعين، وتشجيع البقية للّحاق بركب التميز من خلال القراءة لصحفيين وكتّاب ورواد تركوا بصماتهم المضيئة في مجالات مختلفة، بهدف تغذية فكر أفراد المجتمع.
هكذا كان دور التعليم والإعلام إيجابياً وأساسياً في تكوين وصقل الهوية الوطنية لدولة الإمارات، وتأسيس أسر واعية بمتطلبات المرحلة المقبلة، وهنا لابد من أن نستذكر مقولة الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله : «البلد لا يقاس بمساحته على الخريطة، البلد يقاس حقاً بتراثه وثقافته».
ومن المهم أن تستمر الجهات المختصة في تعزيز التعاون الاستراتيجي والعمل بصورة تكاملية لإعداد الاستراتيجيات وتنفيذ المبادرات التي تتمحور حول بناء منظومة تعليمية تفاعلية تركز على التكنولوجيا المتقدمة لتطوير برامج تجعل أجيال المستقبل قادرة على المشاركة في قصص نجاح الإمارات وروايتها في كل مكان وزمان، وتقدم لهم مواد ذات قيمة تسلط الضوء على التاريخ والإرث الإنساني، وتتناول نشأة القطاعات كافة، بما فيها الإعلام الإماراتي الذي بدأ منذ عام 1927، وتصل إلى الجميع عن طريق المناهج والكتب الدراسية والبحوث والدراسات الأكاديمية والبرامج الوثائقية، وبرامج الأطفال التفاعلية وتقنيات التلعيب والمواقع الإلكترونية الأكثر مشاهدة، والمنصات الرقمية الموثّقة، والتعاون مع المؤسسات الإعلامية وصناع المحتوى والمؤثرين أصحاب المضامين الهادفة لتشجيعهم على ممارسة أدوارهم في المسؤولية المجتمعية، وبث رسائل موجهة، بهدف زيادة توعية المجتمع بتاريخه وحضارته وتعزيز قدراته على تحقيق المستحيل وتمكينه من المشاركة في صناعة المستقبل بمرونة وديناميكية حتى نكون المجتمع الأكثر ازدهاراً عالمياً.
ومن خلال وعي إعلامي لا يتعلق بقوانين السوق والدعاية والإعلان والإعلام الافتراضي، فإنه يجب أن يكون الهدف الأساسي تغذية عقل إنسان الوطن، واعتزازه بتاريخه وتثقيفه، وتسليحه بالمعارف والأدوات المطلوبة، وتوعيته بالقوانين والمفاهيم الإعلامية والمهارات الرقمية، وتشجيعه على صناعة محتوى إعلامي هادف وذي قيمة مضافة، ومساعدته في التمييز بين الحقيقة والشائعات، وتوضيح آليات مكافحة الذباب الإلكتروني في عصر الذكاء الاصطناعي ليصبح قادراً على تحقيق التنمية البشرية المستدامة، ومواصلة ما تم بناؤه على أكمل وجه، وصولاً إلى مئوية الإمارات.
المصدر: الخليج