كاتب إماراتي
توبي وراج حفرة.. توبي وراج حفرة.. توبي وراج حفرة.. عبارة سمعتها كثيراً حتى أصبحت تلك الحفرة خوفي وقلقي الأزلي.. منذ أيام المراهقة الأولى يراك أحدهم وقد وضعت (ووكمان) في أذنيك، فيقول لك: توبي وراج حفرة.. يزخك أحدهم تتحوط في المول، فيرسل لك رسالة نصية: توبي وراج حفرة.. يطيح عليك آخر وقد قمت بعمل (فولو) لزميلة عمل، فيرسل لك على الخاص: توبي وراج حفرة.. وكأن الحبايب ما وراهم حفرة هم الآخرون.. توبة، ثم توبة، ثم توبة.. اللهم ارحمني إذا صرت إلى تلك الحفرة.. وبالطبع لا يخفى على قارئ لمّاح مثلك لماذا يستخدمون التأنيث في تلك العبارة!
ولذلك أيضاً لا يخفى عليك لماذا جذبني جداً عنوان ذلك المنشور، الذي وصلني من إحدى المؤسسات الدولية، والذي كان يبدأ بعبارة: (كي لا تنتهي في حفرة).. المنشور كان يدعو للتبرع بالأعضاء بعد الموت وإنقاذ حياة آخرين، عبر التبرع لهم بالأجزاء الصحيحة من جسدك.. وبالطبع فالعرض رائع وإنساني، فمن منا لا يحب أن يجعله الله سبباً في إنقاذ حياة آخر (ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعاً)؟! إلا أن قلة التوعية، وموروثنا الشعبي عن قدسية الجسد والموت، وخوفنا من الحفرة، قد تؤثر في مثل هذه القرارات المهمة، لمن سيرث الجسد، وحق التصرف فيه.
الأسئلة المطروحة هي: من أين نبدأ؟ ومن المسؤول عن هذا الأمر؟ هل هي الجهات الصحية، أم القانونية، أم قسم المقابر في البلدية؟ وهل يمكنني اختيار الشخص الذي يستفيد من أجزاء الجسد، أم يمكن أن ينتهي (جبدي) في جسد مدمن خمر سوفييتي سابق؟! هل يمكنني اختيار الأعضاء؟ وهل ستبكي أمي حينما ترى جسدي، الذي أرضعته يوزع (سبير بارت)؟ أم أنها ستتفهم أنها صدقة جارية؟! هل يمكنني أن أوصي بأن يوضع قلبي في علبة حمراء، ويرسل إلى المرأة التي أحببت، مع عبارة منمنمة بخط الثلث تقول: (لم يدخله غيركِ قط!)، هل تراها ستفهم؟! أم أنها ستضع صورته على الإنستغرام مع كلمة (يع!!).
أسئلة التبرع بالأعضاء بعد الموت كثيرة، وتحتاج إلى إجابات أكثر شرعية وقانونية وإنسانية وتوعوية، عن باب جديد في مجتمعنا.. لكنها قد تفتح لنا باباً للقبول والتكفير والتوبة! وكما يقال: (لا يضير الشاة سلخها بعد موتها).
المصدر: الإمارات اليوم