غيرة أحمد محمد المطوع على العادات، وما يتعرض له الأطفال والمراهقون من تشويش فكري يسلخهم عن واقعهم، نتيجة ما يستهلكونه من مادة إعلامية هابطة، دفعته، وهو يستند على موهبته وخبرة مجموعة من الشباب من داخل الدولة وخارجها، إلى محاولة لإعادة تشكيل خريطة ما تتلقاه فئة الصغار، وما يشاهدونه يومياً من نتاج فني غير مؤهل لبناء الشخصية العربية والإسلامية، لما يحتويه من تمريرات لا تخدم هذا الجيل، ولا تقدم رسائل ولا قيماً تساعد على التنشئة الصحيحة.
أسس أحمد المطوع مشروعاً يهدف من خلاله إلى تغيير ملامح المسلسلات الكرتونية في الإمارات، ومن ثم في العالم العربي، موضحاً أنه بصدد إنجاز الحلقة الأولى من مسلسل يتكون من 26 حلقة، تحت عنوان «توركايزر» وهي شخصية إماراتية تتحدث اللهجة المحلية، موضحاً أنه ينافس الرسوم الكرتونية اليابانية في جودتها من حيث الإتقان ويفوقها من حيث المضمون والقيم التي يمررها، لافتاً إلى أنه واثق من قوة المسلسل الذي تستغرق كل حلقة منه 20 دقيقة، والذي يبحث له عن دعم برفقة شريكه الذي يحمل اسم أحمد محمد المطوع أيضاً، حيث تشابهت الأسماء إلى درجة التطابق، واللذين استغرقا أكثر من ستة أشهر في رسم فكرة الحلقة الأولى من المسلسل، موضحاً أن حلقات «توركايزر» من المتوقع أن تستغرق سنة ونصف السنة في إنجازها، موضحاً أن الأفكار جاهزة للتنفيذ، وأن تكلفة الحلقة الأولى عالية، خاصة أنها تمويل شخصي.
منافسة الياباني
أصبحت الرسوم المتحركة اليابانية “أنمي” عنوان الصناعة اليابانية أكثر انتشاراً من السيارات والأجهزة الكهربائية، فهي تجذب الأطفال والمراهقين، وتستحوذ على عقولهم وقلوبهم، لكن يظل محتواها غير ملائم للعادات العربية والقيم الإسلامية، مما دفع المطوع للبحث عن مادة إعلامية شبيهة بتلك التي كان يتابعها الأطفال في السابق، والتي كانت تحمل قيم الخير والمحبة والسلام والدفاع عن الإنسانية، ووفق المطوع، خريج كلية تقنية أبوظبي، تخصص نظم معلومات، وموظف بدائرة النقل، أن المسلسل الإماراتي الجديد سينافس المنتوج الياباني. وأضاف :”يعمل عشرون موظفاً ومبدعاً على إخراج هذا العمل الفني الهادف للمجتمع، كما نعمل على إنجاز ألعاب فيديو هادفة باللهجة المحلية، وتحمل قيماً ورسائل وتراعي العادات والتقاليد الإماراتية، أما عن اختيار الموظفين وطريقة تنفيذ الفكرة، قال المطوع إنه لاحظ أن هناك مجموعة من الشباب الإماراتي، والذين يحوزون مهارات عالية في الرسم والبرمجة، ولكنْ كل يعمل في اتجاه بشكل فردي، مما جعله يجمعهم حول عمل واحد، بالتعاون مع خبرات أخرى من كندا وبريطانيا والفلبين، حيث كون فريقا تتكامل فيه خبرات الداخل والخارج.
مكامن الخطر
ما زالت ذاكرته تختزن تفاصيل من الرسوم المتحركة التي نشأ عليها، وقصصا وحكايات، ولم يغنه ذلك عن اطلاعه على مجموعة منها التي تكتسح اليوم شبكة الإنترنت، ويتم تحميلها بطريقة مجانية ومباحة للجميع، من دون حسيب أو رقيب، ومستوى الكرتون الهابط جعله يمقت ما يعرض، وينفر منها، خاصة اليابانية منها، وقال مفسرا ذلك: “عندما كنت صغيراً، كنت أستمتع، إلى جانب أبناء جيلي، بما يعرض، ولعل المسلسل الكرتوني «جليندايزر» كان من أهم ما شاهدته في تلك الآونة، خاصة أنه كان يتحدث عن الخير ويدافع عنه من أجل الإنسانية، ولا يميز بين جنسيات أو أعراق، كان يحمل رسالة. أما ما نراه اليوم وما يقبل عليه المراهقون على الأخص فإنه يدعو للاشمئزاز والنفور، فالمحتوى ضعيف بالنسبة لنا نحن العرب، وبعيد عن خصوصياتنا، ويشجع على الخبث والوصولية والطمع، وهذا يشكل برمجة للأطفال و”غسيل مخ” لهم، كما أنه بعيد عن ثقافتنا، بحيث يظهر بعض المشاهد التي تقلل من قيمة المرأة، وترفع من حب الشهوات، ولعل هذه الأمور خطيرة جداً، خاصة أن فئة الأطفال والمراهقين شديدة الإقبال على هذه الرسوم التي لا تخضع لأي رقابة، بحيث يعمل المراهق على تنزيلها من الإنترنت”. وأكد المطوع أن الخطورة تكمن في عدم مراقبة بعض الأهالي لأولادهم، لأن في اعتقادهم أن الرسوم المتحركة لا تحمل أي صور خليعة قد تؤثر على الطفل أو المراهق، وتعتبر أن كل ما يتعلق بها آمن ولا تشوبه أي شائبة.. وهذا اعتقاد خاطئ.
جذب المتلقي
وتحدث المطوع عن سر الجذب في الرسوم الكرتونية اليابانية، واختزلها في أنها تعتمد على الإبداع في الرسم، لافتا إلى أنها تتميز بقوة تختلف عنها في كل الدول، موضحاً أن هذه الرسوم تجعل المتلقي يشعر أن القصة واقعية، فيندمج معها، وأضاف: “استطاع صناع الكرتون اليابانيون أن يستحوذوا على عرش الكرتون العالمي، وذلك لأنها تعطي انطباعاً أن القصة حقيقية، وبالتالي فإن هناك دمجاً بين الإبداع في الرسم وفي طرح الرواية أو القصة، لكن تبقى هذه القصص بعيدة عن قيمنا ولا تؤسس هذا الجيل التأسيس الصحيح، لذا سنأخذ من هذه التجربة ما هو إيجابي، ونتخلى عن السلبي، بحيث نسعى لدمج الأسلوب الياباني والقصة الإماراتية العربية لتقريبها لفئة الأطفال والمراهقين، إذ نرغب في سحبهم لعاداتنا وتقاليدنا، ولتحقيق ذلك يجب أن نتحدث لغتهم، ونصل إلى قلوبهم من خلال هذا المسلسل، وسيرافق المسلسل «توركايزر»، والذي يعني «ملك الدوران».. ترجمة باللغة العربية”.
التحدي الكبير
أشار أحمد المطوع، والذي تستدعيه بعض الجامعات للحديث عن مشروعه، إلى أن إنجاز مجموعة من ألعاب الفيديو، إلى جانب المسلسل الكرتوني، لا تعترضه أي صعوبات تذكر من الناحية الإبداعية، لافتاً إلى أن التحدي الكبير هو التمويل، وأنه قام بالدعاية للمسلسل عن طريق بعض مواقع التواصل الاجتماعي، ومحركات البحث، هادفاً الوصول للمستثمرين، حيث إن أغلب العقبات التي اعترضت المجموعة في إنجاز الحلقة الأولى، والتي استغرقت وقتاً طويلاً قد تم إزاحتها، بحيث اتضحت الرؤية، لإنجاز بقية حلقات المسلسل.
وقال: “استكشفنا أنفسنا من خلال طرح الحلقة الأولى من المسلسل، بعد أن رسمنا الفكرة، وحذفنا أشياء وأضفنا أخرى، كما اكتشفنا أسلوبنا في الرسم، وبما أن الحلقة الأولى تجريبية فإنها يجب أن تعطي التصور الكامل للمسلسل من حيث الإبداع في الرسم وقوة الموضوع، لهذا أخذت منا وقتا طويلا في الإنجاز، خاصة أنها حلقة تحدد الخطوات المقبلة التي ستؤثر في المسلسل بأكمله.
المصدر: جريدة الاتحاد