اتسعت مروحة التحالف الدولي – العربي لضرب تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في سورية وسط توقعات باستمرار الحرب «سنوات عدة»، مع تأييد فرنسا وألمانيا لذلك وإعلان تركيا أن موقفها من التنظيم «تغيّر» في وقت أرسلت بلجيكا والدنمارك طائرات قاذفة الى العراق للمشاركة في حملة التحالف، وواصلت مقاتلات التحالف غاراتها أمس على منشآت نفطية خاضعة لسيطرة التنظيم المتشدد في شمال شرقي سورية، ما أدى إلى توقف استخراج النفط منها. (للمزيد)
وقالت مصادر خليجية لـ»الحياة» إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتفق مع نظرائه الخليجيين في اجتماع في نيويورك امس على مواصلة البحث في تعزيز التحرك العسكري المشترك ضد تنظيم «داعش» في سورية والعراق، مع الدول العربية، خلال زيارة قريبة سيقوم بها منسق جهود التحالف في العراق وسورية الجنرال جون آلن الى المنطقة.
وفي واشنطن، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي إن غارات التحالف على عناصر «الدولة الإسلامية» في سورية عرقلت عمل قيادة التنظيم وقدرته على التحكم على الأرض إضافة إلى عرقلة قدراته اللوجستية. وأكد أمام الصحافيين في وزارة الدفاع (البنتاغون) أن الحملة حتى الآن أثّرت على البنية التحتية لـ»داعش» في سورية، متوقعاً أن تتواصل الضربات ضده في شكل مكثّف. وكان لافتاً قوله إن هناك حاجة إلى ما بين 12 – 15 ألف مقاتل من المعارضة السورية لاستعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها في المواجهة مع «الدولة الإسلامية» شرق سورية.
وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قال في نيويورك أمس إن سياسة بلاده بعدم التدخل عسكرياً في سورية قد تشهد تطوراً بمرور الوقت، مجدداً التأكيد أن بلاده زوّدت المعارضة السورية المعتدلة بالسلاح ويمكن أن تمدها بالمزيد، في وقت اعلن امس في انطاكيا التركية عن توحد 20 فصيلاً معارضاً بوساطة احد اعضاء الكونغرس الأميركي. وأضاف فابيوس: «نحن نعمل مع شركائنا بهذه الروح ونحن نقسّم مهمات العمل. لدينا رؤية استراتيجية، وبمرور الوقت وتبعاً لتطور الوضع من الممكن أن نغيّر (الموقف) بشكل أو آخر، لكن في الوقت الجاري الموقف الفرنسي ملائم تماماً للوضع. للأسف هذا الصراع قد يستمر سنوات عدة».
في برلين، قدمت الحكومة الألمانية تأييدها الواضح للغارات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد «داعش» في سورية. وقال شتيفن زايبرت الناطق باسم المستشارة الألمانية أنغيلا مركل: «الهجمات في شمال سورية لا تخص سورية أو الحكومة السورية بل هي لمساعدة الحكومة العراقية لتدافع عن العراق ضد هجمات يشنها (تنظيم) الدولة الإسلامية من سورية».
وكان لافتاً أمس قول الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إن موقف بلاده حيال تنظيم «الدولة الإسلامية» قد «تغيّر» بعد الإفراج عن الرهائن الأتراك الذين كانوا محتجزين عنده، ملمحاً إلى احتمال أن تنضم أنقرة إلى التحالف الدولي ضد التنظيم المتطرف. لكنه جدد الدعوة إلى إقامة «منطقة حظر جوي» في شمال سورية لإقامة «منطقة آمنة» في الجانب السوري من الحدود. وأضاف فور عودته من نيويورك حيث شارك في جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة: «تغيّر موقفنا الآن والمسار التالي سيكون مختلفاً كلياً».
وأضاف: «كما تعرفون، سيُطرح على البرلمان مشروع تفويض على أن يناقش في الثاني من تشرين الأول (اكتوبر) المقبل. وفور اقراره ستتخذ الإجراءات الضرورية. وهذا التفويض يجيز تدخل القوات المسلحة». وكان رئيس الوزراء أحمد داود اوغلو أبدى الاستعداد للمساهمة «في أي اجراء» بما فيه العسكري.
واقترب تنظيم «الدولة» أمس من مدينة عين العرب (كوباني) على بعد كيلومترات من الحدود التركية، وسيطر على تلة استراتيجية قريبة منها، فيما فتح مئات الأكراد الأتراك والسوريين ثغرة في السياج الحدودي الفاصل بين البلدين ودخلوا سورية بهدف الالتحاق بالقوات الكردية التي تقاتل تنظيم «داعش» حول عين العرب.
في المقابل، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على ضرورة إشراك الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب على الإرهاب. وقال رداً على «الحياة» في مؤتمر صحافي أمس: «من يقول إن بقاء الأسد هو المسؤول عن توسع تنظيم داعش إنما هو مخطىء، لأن احتلال العراق وتغيير النظام فيه أديا الى استبعاد السنة فيه عن مواقع السلطة، فيما نرى ما يجري في ليبيا أيضاً حيث أدى التدخل العسكري الخارجي الى الوضع الذي نراه اليوم حيث تسيطر المجموعات الإرهابية على مناطق انتاج النفط وبيعه».
وقال لافروف: «لا أرى أي صلة بين بقاء الأسد ومسألة موافقته على بيان جنيف ١ وانتشار الإرهاب». وتابع إن العملية السياسية في سورية «يجب أن تضم جميع الأطراف ولا تحمل المسألة مسؤولية التوصل الى حل على مصير شخص واحد»، مشككاً في مدى تمثيل الائتلاف السوري المعارض للمعارضة السورية. كما اعتبر أن استبعاد إيران عن العملية السياسية في سورية «سيبقى العملية غير منتجة».
وانتقد لافروف التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة معتبراً أن «محاربة الإرهاب يجب بدلاً من ذلك أن تدعم الحكومات لتمكينها من مواجهة الإرهاب، وبينها الحكومة السورية وأن تتقيد أي أعمال ضد الإرهاب بالقانون الدولي وسيادة الدول». واعتبر أن «استبعاد السلطات السورية من الحرب على الإرهاب لا يعد تجاوزا للقانون الدولي وحسب بل يقوض فعالية الجهود المبذولة لمواجهة الإرهاب».
وكانت طائرات التحالف واصلت غاراتها في شمال شرقي سورية. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الغارات استهدفت مواقع «الدولة الإسلامية» و «جبهة النصرة» وتنظيمات إسلامية أخرى تضم مقاتلين من جنسيات غير سورية في جنوب شرقي مدينة الحسكة، لافتاً إلى أن القصف طاول أيضاً منطقة مسبق الصنع، على أطراف مدينة الميادين في دير الزور، ومنطقة حقل التنك النفطي في الريف الشرقي لمدينة دير الزور، إضافة إلى مناطق نفطية في بادية القورية بريف دير الزور الشرقي.
وأكد ناشطون توقف استخراج النفط من الحقول التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية» في محافظة دير الزور، تخوفاً من الغارات التي يشنها التحالف، والتي ركّزت خلال اليومين الماضيين على ضرب المنشآت النفطية.
وحض الرئيس العراقي على «توحد جميع السوريين من أجل حل سياسي يحقق الديمقراطية لسورية والأمن والسلام لمنطقتنا»، داعياً دول المنطقة الى تدعيم عملها المشترك «لنزع فتيل الأزمات الأمنية والوصول الى تفاهمات داخلية وطنية تضيق المساحة أمام الإرهاب». وأكد على «أهمية التعاون بين جميع دول المنطقة لإيجاد بيئة للتفاهم الإيجابي وتوحيد الجهود ضد الخطر المحدق بالجميع”.
وقال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس إن «داعش يتمتع الآن بإمكانات مادية وعسكرية كبيرة وأصبح بؤرة لجذب المتشددين والمتطرفين في الشرق الأوسط والعالم» معتبراً أن تشكيل الحكومة العراقية الجامعة كان «رداً صارماً لخطر حقيقي هو داعش».
لندن، بيروت، دمشق – «الحياة»، أ ف ب