كاتب و مدون سعودي
أنا على قناعة بأن منصات التواصل الاجتماعي استطاعت أن تعيد تشكيل المشهد الثقافي؛ بحيث أصبح مثقفو اليوم هم مجموعة من الأفراد الذين لم يكن ليكون لهم مكان في الماضي، والذي كان يتحكم به مسيرو الإعلام التقليدي نتيجة سيطرة توجهات فكرية معينة أو بفعل الرقابة على أفكار بعينها، وهي الأفكار التي نجد المدافعين عنها اليوم يتسيدون تلك المنصات الحديثة، مثيرين بفعل اطلاعهم وشغفهم الشخصي بقضايا الحوار الجوهرية، ومحفزين لنعمتي التفكير والنقد.
في ظل هذه الأجواء التي يصعب فيها تحديد فكر معين أو السيطرة على فكر آخر، ظهر السعي المخطط من البعض الانتهازي نحو خلق الحدث ليتحول هو مع الحدث لقضية رأي عام أو “أيقونة” فكرية تبنت ذلك الفكر أو ذلـك الحدث، فتـحول كاتب معين لنـجم تلفزيوني وتحول شـيخ لأيقونة إلكـترونية، وتحول المعترض والناقم إلى الثوري الافتراضي وتحول الفنان إلى رجل أعمال يقدم الهدايا ويتوسل كرم الأمير.
كتبت في الماضي أن “تويتر” وأخواتها استطاعت أن تصنع لنا نجوما تمكنت أن تحرك الحوار الثقافي والاجتـماعي عبر تحريكها للمـياه الراكدة لكثير من المواضيع الشائكة، وقد أثروا وحركوا وغيروا ودفعوا المسؤول للتجاوب مع متطلباتهم، ليصنعوا لنا واقعا رقابيا جديدا، واليوم أقول: إن المنصات ذاتها استطاعت أن تصنع لنا أشخاصا اشتهروا، ليس بسبب ما أثاروه من أفكار وحوارات، بل بسبب مسرحيات وتمثيليات بكائية أو استعطافية أو “تثورية” ولا أقول ثورية، هدفوا من خـلالها إيجاد مكان لهم بين الجموع.
هناك فرق شـاسع بين من يستخدم منصات التواصل الاجتماعي من أجل التغيير والبناء، وبين من يستخدمها من أجل “المهايط” والادعاء، فالأول يعمل من أجل ترك الأثر، بينما الثاني يعمل من أجل أن يكون هو الأثر، وشتان بين الأمرين.
أتمنى أن يأتي اليوم الذي نتجاوز في العالم العربي، وفي السعودية على وجه التحديد، أزمة الافتتان بـ”تويتر” ويسود المجتمع أشباه تلك النماذج المشرقة التي أثرت في تغيير المجتمع، فيصبح الـنجم الـ”تويتري”، هو فـقط ذلك الذي يحـمل إضافة علمية أو فـكرية وهما تغييريا للأفضل، لا ذلك الذي يشتري الأتباع ويتسابق في الشتم والقيام بالأعمال الغريبة والخارجة عن المألوف من أجل كسب أتباع.
المصدر: الوطن أون لاين