عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

(جاب العيد..!!)

آراء

قال لي صديق يعمل بمدرسة للأيتام، في إحدى الدول الإسلامية بأوروبا الشرقية، إن يتيماً هناك حصل على درجة غير جيدة في إحدى المواد، فجاء رجل في اليوم التالي، وكان يناقش صديقي بحدّة في الجهد الذي بذله اليتيم في الدراسة، وأحقيته في الحصول على درجة أفضل، ومدى ما ستؤثره الدرجة الحالية في معدله الدراسي العام، وكان يكرر بين كل جملة وأخرى (اتقوا الله في الأيتام).. وبعد أخذ ورد وافق صاحبي على إعادة تصحيح الامتحان، وحين سأل الرجل عن هويته فوجئ بأنه أبواليتيم!

وعلى بعد 6000 كيلومتر من النصاب الشرق أوروبي، لا أستطيع إخفاء إعجابي بذلك المواطن الخليجي، الذي قبضت عليه إدارة التحريات في شرطة الشارقة يوم أمس، الذي انتحل شخصية (خطابة)، وكان يوهم الفتيات بقدرته على التزويج، ويقوم بين فترة وأخرى بإرسال رسائل للضحايا، لمن تريد أن تتبرع لعائلة فقيرة، بإرسال المال على رقم حسابه المرسل إليهن.. بصراحة (الخطابة) أو (الخطاب) أم منصور وسع صدري، فأولاً هناك نوع من الإبداع في الموضوع، وبالتأكيد أصبح لديه (داتا بيس) مغرٍ لأي عازب أو مقطوع.. ومع هذا كله فهو لم ينسَ أعمال الخير والبر والتقوى وجمع التبرعات، التي ستبقى من ذكراه، وهو يقضي الأشهر الستة في القرقور، بتهمة (انتحال صفة شخصية غير رسمية).

الآن، اقلب الصفحة على (أم منصور)، واقرأ معي هذه الرسالة النصية التي وصلتني في العشر الأواخر، وسأنقلها كما هي (كت وبيست): «شاب يتيم مسجون لقضية مرورية في سجن الوثبة، وباقي على مخالفاته مبلغ 7500 للتواصل رقم (…….)، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة».. يعني يتيم عنده (ليسن) وقضى من الوقت في الشوارع ما جعل بقية مخالفاته 7500.. كم يكون عمره 25 ولا 26.. لا أعرف لماذا لا تقوم جهة خيرية بالمرة بفتح حساب خيري، لكي (تزوّد سيارته)، وربما حساب آخر (تركيب طوس كروم)، فمن الواضح أنه (يتيم جداً)!

مشكلة العمل الخيري الأزلية هي الثقة، ومدى ثقة الجمهور بالقنوات التي تذهب إليها أموال التبرعات، فمثل الحالات الواردة أعلاه، والتي تتكرر بين فترة وأخرى، هي التي تجعل الكثير من الناس يحجمون عن العطاء، خوفاً من ألا يصل لمن يستحق، أو خوفاً من السيناريو الأسوأ، وهو أن يصل لمن لا يستحق.. وبين عدم موثوقية القنوات غير الشرعية، وبطء الإجراءات وعدم وضوحها في بعض القنوات الشرعية، يبقى صوت (إبليس) لدى البعض يردد: (واحنا ما لنا لا نتبرع ولا نخاف)، متناسين قصة أصحاب الجنة الذين منعوا الفقراء من دخولها بعد وفاة أبيهم الصالح.. فكانت النتيجة (فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون)!!

ادعم العمل الخيري بقوة.. ولكن خليك صاحي!