كاتب سعودي
البلد مترامي الأطراف، يصعب على الإنسان الإحاطة بكل تفاصيله.. تكاد تنعدم المبررات؛ فلا تُشد الأمتعة من الطرف إلى الطرف دون مبرر.
أنت لا تتحدث عن مئة كيلومتر، تلك المسافة التي تفصل الناس عن بعضها!
اليوم تمر ثماني سنوات على المرة الوحيدة التي زرت فيها جازان.. سأمكث فيها 36 ساعة بالضبط.. أدرك أن وقتا وجيزا كهذا لن يُمكنك من الحديث عما ستشاهده، أو تسمعه.. هذا الأمر تحديدا لا يهم؛ فما نعرفه عنها وعن أهلها الطيبين أكبر بكثير مما قد نتحصل عليه من زيارة خاطفة.. جازان بلد طيب، وأهلها طيبون، و”على نياتكم ترزقون”.
لذلك، أظن أنني سأشاهد مدينة مختلفة إلى حد كبير.. ثماني سنوات ليست بالمدة الزمنية القصيرة.. أبصم بأن جازان اليوم ليست جازان الأمس.. جازان اليوم مدينة اقتصادية جاذبة، تتسابق نحوها الاستثمارات من كل مكان. جازان الأمس، تبحث عن الكفاءات من كل الدول.. اليوم هي مدينة ولادة.. لن أتحدث عن الشعراء والأدباء في هذه المنطقة الغالية.. فهؤلاء “سمة أساسية” لجازان على مر الزمان ولا علاقة لها بأي مؤثرات أخرى.. أتحدث عن آلاف الشباب المؤهلين الذين أصبحت جازان تدفع بهم إلى سوق العمل خلال السنوات القليلة الماضية. أصبح الشاب الجازاني “علامة جودة” يحرص عليها الكل.
لك فقط أن تتوقف أمام الطبيب الذي خرج من كلية الطب في جامعة جازان، هذا الطبيب الذي أصبح من أمهر الأطباء في الداخل والخارج.
جازان -وهذه قراءتي لها- ستصبح خلال السنوات القادمة قِبلة للباحثين عن العلم والمعرفة.. وستصبح جامعتها -وسجّلوا هذه على عهدتي- واحدة من أهم جامعات العالم.
الشاب الجازاني مختلف في تكوينه ونفسيته وطبيعته عن غيره.. هكذا أشاهدهم.. ولذلك سيكونون حصان السباق القادم في مضمار العلم والتقنية والبحث العلمي..
رحم الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي وضع جازان نصب عينيه، فانطلقت وحظيت بالدعم الحكومي والخاص، وشكرا للملك سلمان -يحفظه الله- الذي يواصل دعمها، وشكرا لأميرها الطيب محمد بن ناصر الذي يتعامل معها كشجرة مثمرة يسقيها اهتمامه فتعطيه المزيد.
المصدر: صحيفة الوطن السعودية