كاتب وإعلامي سعودي
في الوقت الذي أشادت فيه بعض صحف الأسبوع الماضي بتقدم 3 جامعات سعودية ضمن أفضل 500 جامعة عالمية في تصنيف «كيو إس» للجامعات العالمية، وفي خضم فرحة المجتمع الأكاديمي بهذا الإنجاز المتكرر سنوياً، جاءت جامعة شقراء لتثبت العكس وأن جلجلة التصنيفات هي مجرد هراء وثرثرة تتناقلها وسائل الإعلام، إذ نشرت صحيفة «الحياة» يوم الأربعاء الماضي معاناة مواطنة تخرجت في الجامعة نفسها ورُفض تعيينها معيدة، على رغم حاجة قسم اللغة العربية إلى معيدات، وعلى رغم حصولها على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى في القسم ذاته.
بل المحزن في الخبر هو حجم خيبة الأمل الذي تشعر به خريجة شقراء المتفوقة حينما تذمرت من «غياب العدالة وكثرة المحسوبيات في التوظيف وتطابق أسماء الكثير من موظفات الجامعة والمرشحات للإعادة في قسم رياض الأطفال وتربية خاصة مع أسماء مسؤولين في الجامعة»، وتزداد خيبة أملها بجامعتها، وهي تؤكد أن قسمها -قسم اللغة العربية- يعتمد على المتعاونات وليس به سوى رئيسة القسم وثلاث معيدات وأستاذتين من جنسية عربية».
وما قصة سامي ضيف الله مع الجامعة ذاتها ببعيد عما حدث للخريجة المتفوقة؛ إذ أعلنت الجامعة وظائف وتقدم لها سامي واجتاز الاختبار التحريري والمقابلة الشخصية، ولكن الجامعة كانت لها حسابات أخرى، إذ تمت ترقية أحد الموظفين على الوظيفة، واستبعد المواطن العاطل الذي بلا وظيفة، وها هو سامي يتنقل منذ 4 أشهر بين شقراء ووزارة التعليم العالي بوثائقه وأوراقه؛ بحثاً عن حل، ولكن هيهات هيهات.
إن الفشل الذي تعانيه جامعة شقراء تتحمل منه إدارتها نصيب الأسد، كونها تعتمد على العقليات التقليدية، فمعظم القياديين فيها من وكلاء وعمداء كليات ورؤساء أقسام يفتقرون إلى الخبرة الإدارية الحديثة؛ لأنهم جاؤوا من وزارة التربية والتعليم وتتمحور خبراتهم في التدريس العام فقط، ومنه سُنحت لهم فرصة الدراسة مساءً فحصلوا على شهاداتهم العليا، وهذا طموح يُحسب لهم، ولكنه لا يفيد الجامعة، ولا ينفع لتسيير مؤسسة أكاديمية بحثية بالدرجة الأولى، إذ يجب على الملتحقين بها من حملة الدكتوراه إتقان العمل الأكاديمي قبل العمل الإداري، بل يجب على الجامعة أياً كانت هذه الجامعة أن تضع معايير صارمة وسلوكاً إدارياً يلتزم به كل منسوبوها من موظفين وطلاب، وألا يُسمح بتدخل المتطفلين من خارج الجامعة في سياسة عملها، أولئك الذين يريدون فرض وصايتهم بمسمى أعيان البلد أو كبار المدينة.
أما الجزء الآخر من المسؤولية عما يحدث في جامعة شقراء، من ترهل وبطء في الحركة والنمو، فتتحمله وزارة التعليم العالي، كونها ترى هذه العلل تتسلق جسد الجامعة، ومع ذلك تلوذ بالصمت وتمتنع عن التدخل، بل إنني أجزم أن وزارة التعليم العالي لا تعرف أن المسافة بين غرب جامعة شقراء (عفيف) وشرقها (حريملاء) مسافة تتجاوز 500 كيلومتر! فأي إدارة تستطيع أن تتقن عملها في هذه المساحة الجغرافية الشاسعة؟ وما تعانيه جامعة شقراء تشتكي منه جامعة الأمير سلمان بالخرج، إذ تفتقر إلى الاستقرار والتوازن بسبب مساحتها الجغرافية الشاسعة، إذ تمتد من وادي الدواسر جنوباً حتى الخرج شمالاً، ولجان التعاقد لديها في حال سفر دائم.
المصدر: الحياة