أدرجت المناطق التاريخية في مدينة جدة السعودية، على قائمة التراث العالمي للبشرية، على ما أعلنت منظمة «يونيسكو» خلال اجتماع للجنة التراث في الدوحة.
وقالت «يونيسكو» في بيان: «شكلت جدة اعتباراً من القرن السابع أحد أهم المرافئ على الطرق التجارية للمحيط الهندي، فكانت تصل إليها البضائع الموجهة إلى مكة».
وقررت لجنة التراث العالمي مخالفة رأي المجلس العالمي للنصب والمواقع (إيكوموس) في هذا الإطار. وكانت الهيئة الاستشارية للمجلس اقترحت «إرجاء» بحث ملف جدة التاريخية، مشددة على أن «الجزء الأكبر من النسيج المديني أتلف أو اختفى خلال السنوات الخمسين الأخيرة».
إلى ذلك، حققت فلسطين الجمعة فوزاً سياسياً جديداً في منظمة «يونيسكو» من خلال حصولها على إدراج قرية بتير جنوب القدس المحتلة والمهددة بالجدار الأمني الاسرائيلي، على لائحة التراث العالمي المهدد.
وقالت رئيسة لجنة التراث العالمي الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، إثر تصويت سري في الدوحة في إطار آلية عاجلة جرى بفارق صوت وضد رغبة خبراء «يونيسكو»: «أُدرج الموقع، تهانينا لفلسطين».
وأدرجت القرية الفلسطينية ضمن لائحة التراث العالمي وأيضاً ضمن لائحة التراث العالمي المهدد، تحت عنوان «فلسطين : أرض الزيتون والكروم – موقع ثقافي من جنوب القدس، بتير، فلسطين».
وأثار إعلان نتيجة التصويت هتافات الترحيب، وسارع سفراء كثر لدى «يونيسكو» الى تهنئة نظيرهم ممثل فلسطين الياس صنبر، بعدما دافعوا عن القيمة الاستثنائية للقرية وأبرزوا الخطر الوشيك الذي يهددها، خلافاً لرأي خبراء المنظمة.
وقال صنبر: «حان الوقت لمن يقاتلوننا في شكل شبه غريزي ان يدركوا انهم لا يساعدون إسرائيل».
وأضاف ان «من صوتوا مع هذا القرار يقولون لهؤلاء ان إسقاط الجدران وحده يضمن السلام والمصالحة. اليوم، وفي ما يتجاوز إدراج بتير، تتخذون قراراً شجاعاً ضد الانغلاق والاستبعاد والهيمنة. ان هذه اللحظة ستظل محفورة في ذاكرة شعبي».
في المقابل اعتبرت ممثلة اسرائيل شولي دافيدوفيتش ان هذا «يوم أسود ليونيسكو» مضيفة: «نأسف لكون اللجنة لم تكن قادرة على التصدي لهذا التسييس».
ونجحت دولة فلسطين في عزل اسرائيل ضمن 21 عضواً في لجنة التراث العالمي. ولم يصوّت إلا ثلاثة أعضاء ضد القرار، فيما صوّت 11 معه، وكان يكفي عشرة أعضاء لصدور القرار.
وأيدت منظمة «المجلس العالمي للمعالم والمواقع الاثرية» التي تقدم المشورة لـ»يونيسكو» مشروع قرار ضد إدراج القرية الفلسطينية.
وقالت: «هناك كثير من المعالم الممتدة من جانبي الحدود السياسية وليس من الممكن دائماً حماية معلم في مجمله إلا اذا كان هناك مقترح يتجاوز حدود البلدان». وأشارت الى ان دولة فلسطين كانت الجهة الوحيدة التي تقدمت بهذا الطلب.
واضافت ان «تحديد الطابع العاجل للأرض المعنية بالإدراج لا يمكن، بحسب وجهة نظر المجلس، ان يتيح للجنة التراث العالمي اتخاذ قرار قد يؤثر على أعمال دولة معنية ليست مشتركة في هذه الملكية»، في إشارة الى إسرائيل.
غير ان ممثلي الدول الاعضاء في اللجنة توالوا على الكلمة للدفاع عن الطلب الفلسطيني.
وقال ممثل السنغال: «أوضحتم لنا ان هناك أشجار زيتون تعود الى العهد الروماني. إذا كان هذا ليس أمراً استثنائياً، فأين ترون الاستثناء؟».
واضاف: «بتير في خطر لأن الجدار (الاسرائيلي) قائم».
وعرفت قرية بتير بمدرجات الزيتون التي لا تزال مستغلة وبنظام ري ضارب في القدم. وهي تقع قرب خط الفصل لعام 1949 بين الضفة الغربية المحتلة واسرائيل.
وتحول جدار الفصل الاسرائيلي في الضفة الغربية رمزاً للاحتلال بالنسبة الى الفلسطينيين الذين يطلقون عليه تسمية «جدار الفصل العنصري».
كما أدرجت قلعة أربيل في قلب عاصمة إقليم كردستان العراق على قائمة «يونيسكو» ذاتها.
وعلق رئيس البعثة العراقية قائلا ان ادراج قلعة اربيل ضمن القائمة يمثل «هدية تقدمونها الى شعبي والى كل طوائف العراق، من كل اطياف بلدي الذي يحتاج كثيراً إلى بارقة تفاؤل في هذه الظروف»، وذلك وسط تصفيق زملائه.
ويأتي هذا التصنيف الجديد في وقت سيطر مقاتلو تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) على الموصل، ثاني اكبر مدن العراق، على بعد 77 كيلومتراً فقط غرب أربيل.
وتعد قلعة أربيل موقعاً قديماً محصناً شُيد على قمة تل كبير بيضاوي الشكل. ويعطي الجدار الطويل المؤلف من واجهات منازل من القرن التاسع عشر انطباعاً بصرياً بقلعة حصينة مطلة على مدينة أربيل.
وفي القلعة تخطيط لشوارع تعود الى الحقبة العثمانية في أربيل. وكانت المدينة تمثل في الماضي مركزاً سياسياً ودينياً أشورياً مهماً.
المصدر: الدوحة – أ ف ب