كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية
على رف الصحف، وأمامي في البقالة المجاورة لسكني الموقت في مدينة جدة، تبارت الصفحات الأولى في نشر الخبر الصادم عن ضبط عمالة (إيبولا) في هذه المدينة، وأضيفوا (اسمي) إلى العنوان؛ لأنني تقريباً وصلت مع (إيبولا) إلى جدة في اللحظة نفسها، وكنت من قبل أشفق على أطفالي المدمنين لهذه المدينة الساحرة من (هكذا) عناوين في ظرف السنوات الماضية، كنت أخاف عليهم من حمى الضنك حتى ضربت (كورونا) بكذبتها الإعلامية وهيلمانها الذي تقول عنه الجرائد ذاتها إنه يدر على عوالم البيزنس ما ناهز 18 مليار ريال من إعلانات الصابون وسوائل المطهرات، حتى الكمامة وإعلانات التوعية، ناهيك عن مليارات الأدوية الوقائية وجيوش التوعية الوقائية.
اليوم، وبصوت مرتفع سأقول: آن لنا أن نواجه أخبار الفيروسات والأمراض الوبائية بفعل المنطق لا بصوت العاطفة، نحن بالأرقام على رأس دول الكون بأكملها في فاتورة الخسائر المفتوحة لهيلمان أنفلونزا (الخنازير)، اشترينا لقاحاً واحداً لكل أربعة مواطنين بينما اكتفت السويد بلقاح واحد لكل أربعين مواطنا، نحن اقتصاد ضخم تستهدفه حملات الفيروس من “سارس”، إلى “الطيور”، ومن “الخنازير”، إلى “كورونا” ومن “إيبولا” في الأسماء من أجل العناوين، كنت أقرأ عناوين الصحف في البقالة بصحبة الصغيرين، محمد وخلدون، في عيونهما تقرأ رسائل الخوف وتكاد أن تقرأ النوايا: هل نهرب من (إيبولا) بعد أن صمدنا من قبل مع كل الأسماء والصفات للفيروسات المختلفة، قلت لهم بكل وضوح: كان (عمكم)، شقيقي الأصغر، طالب استشارة عليا في مستشفى تورنتو الكندي الذي كان يومها يضم نصف مرضى فيروس (سارس) في كل الكون، لم أكن قلقاً عليه ولو للحظة برغم التخصص والمباشرة والملامسة.
تخيلوا أخيراً هذه الحقيقة، كل طفل يولد يخرج للحياة حاملاً عشرة فيروسات في المعدل.. كل ما في الأمر هي هذه الكذبة الهائلة.
المصدر: الوطن أون لاين
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=22498