قرأت على جدار : إذا خانتك قيم المبادئ، فحاول أن لا تخونك قيم الرجولة. العبارة قصيرة، ولكنها تقدم فكرة راقية. الكتابة الإيجابية على الجدران، نادرة في مجتمعاتنا. إذ يغلب على الكتابات فوضوية وتجاوزات ومراهقة.

الجرافيتي فن جميل؛ وهو يزدهي في بلدان عدة. بعد تحطم سور برلين عام 1989، الذي كان يقسم المدينة شرقا وغربا. أصبح السور مزارا سياحيا، رسم عليه كثير من العابرين أحلامهم ورؤاهم وفلسفاتهم.

في مدن عالمية عدة، لا تعدم أن تجد جدارا يحمل بصمة كاتب أو فنان أو شخص عابر أضاف شيئا يعبر عن جزء منه. وهناك جدران سياحية يتم تخصيصها لمثل هذه الممارسة. ورغم ما تضفيه فنون الجرافيتي من إحساس بالعبثية والفوضوية، لكن هذا الأمر ليس دقيقا، فهناك قوانين تسمح بالرسم على هذا الجدار، وتعاقب بشكل مطلق عند امتداد العبث إلى جدران أخرى.

ينظر البعض إلى الكتابة على الجدران باعتبارها مادة للتحليل النفسي والسلوكي. إذ لا يجوز لإنسان متحضر أن يجور على معلم معماري أو أثر حضاري ويسهم في تشويه جدرانه.

ولكنني شهدت في مدينة أصيلة المغربية تجربة فنية على الجدران ساهم في رسم تفاصيلها فنانون من مختلف أرجاء العالم. وشاهدت في عسير جنوب المملكة فعلا فنيا لافتا، إذ تجد جداريات عدة تم تنفيذها وهي تحمل رسائل إيجابية مهمة، وبعض هذه تخاطب جنودنا البواسل من حماة الحدود. وهناك جدارية مميزة طولها نحو 200 متر تعكس جانبا من تراث وتاريخ عسير نفذها اثنان من فناني المنطقة. ورأينا جداريات في مدن عدة ترفع شعارات ضد الطائفية والكراهية والعنصرية، وتحث على مكارم الأخلاق. وبعض هذه الجداريات جاءت على شكل اجتهادات في أعقاب الأحداث الأخيرة.

لكن هناك كتابات جدارية تعكس ببذاءتها وسخفها نفسيات هشة، تعيش أزمة أخلاقية وسلوكية ونفسية تحتاج إلى تقويم وعلاج.

الجرافيتي حاليا وجد متنفسا في فضاء الإنترنت، وأصبح هذا الجسر نافذة يمكن من خلالها إيصال الرسائل الإيجابية. لكن الملحوظ أن الرسائل السلبية تحتل حيزا أكبر، وبعض هذه الرسائل يتم الإلحاح عليها بشكل عمدي لإشاعة الإحباط.

المصدر: الاقتصادية