إعلامي
التنظيمات والتشريعات يفترض أن تكون استباقية أي هي التي تحدد ما يكون من جزاءات رادعة لأي تجاوز يكون.. وذلك حتى لا تفسر حسب الأهواء ولتكون محددة مسبقا ولا يعتبرها المخالف فعلا لردة فعل وقتية. وليعرف من يفكر بالتجاوز ما يمكن أن يترتب عليه من حقوق وواجبات.. وبذلك قد يرتدع قبل أن يشرع بالاساءة والخطأ. والأهم من ذلك أن تأتي الأحكام سلسة وبينة.. لأنها من الأساس مؤطرة وواضحة..
في الأيام الماضية كثر الحديث والمطالبة بالحاح من أغلبية النخب المثقفة والأفراد في مجتمعنا بسن قوانين وتشريعات تجرم الاساءة المذهبية وتقود الى الطائفية والعنصرية.. لأن الحقائق تقول إن كل ما نعانيه في مجتمعنا على مختلف الأطياف والتوجهات والانتماءات من اساءات مقصودة أو غير مقصودة ومن اتهامات متبادلة يحركها الغلو والتشدد تارة ويوجها ويثيرها الأعداء دائما ويروج لها وينشرها الجهلاء باستمرار.. ويتناقلها الكثير دائما بحكم التقليد والعادة..
تعود البعض في مجتمعنا ممن جعلوا أنفسهم في حل من أدب الحوار وسمو الاخلاق بأن يكون الاتهام والتجني والاساءة نهجهم وطريقتهم في الجدال دون مراعاة لعواطف ومشاعر الآخرين وذلك لأنهم يثقون بأنه لن يترتب عليهم ما يمكن أن يردعهم اخلاقيا ويجرمهم قانونيا.
وعندما لا يكون هناك مسألة وكبح لكل التصرفات من قول أو عمل فكل ما سيكون طيشا يأتي دون إحساس واستشعار بالمسئولية.
ليس من حق أحد أن يحاسب غيره على مذهبه او قبيلته او عشيرته أو شكله ولونه وإنما بالعطاء والانجاز والإخلاص للوطن يتميز الإنسان وتكون الوطنية.. غير أن هناك من جعلوا اهتمامهم وكل عملهم شحن العواطف وإثارة الفرقة بين نسيج المجتمع الواحد وهم في الواقع لا يقدمون لغيرهم أي عطاء أو إنجاز يذكر إلا تشويه الدين وإثارة النعرات والعمل على تقويض البنية المجتمعية وتهميش التنمية..
ممارسة الطائفية والعنصرية والمذهبية من قبل أبواق الفضائيات وخفافيش المواقع الالكترونية والمنقادين في وسائل التواصل ممن يجهلون سماحة الدين الحنيف ويراهنون على تفكيك اللحمة الوطنية ويغررون بأبنائنا بحماقتهم وطيشهم بحاجة إلى من يعريهم ويخذلهم في مساعيهم وأخذ حق الوطن منهم وإنصاف المواطن من ظلمهم وجورهم ولن يتأتى ذلك الا بسن تشريعات وأنظمة تجرمهم تكون هي السيف المسلط على رقابهم حتى يعرفوا قدرهم وقيمتهم.. إن كان ذلك فسنبقى في هذا الوطن كما كنا أسرة واحدة يجمعنا الحب لنعطي من أجل كل خير.. ولان الطائفية هي المشكلة الأزلية التي غيبت العقول وفرقت القلوب وشتت النفوس فلا يمكن أن تحل إلا بتجريمها.. فمن اجل التعايش والسلام والنماء دعونا اليوم وليس غدا نعمل بجد ونراهن بحزم على ما يجب علينا… حتى لا نتحسر على ما كنا نتمنى ان يفترض ان يكون!!
المصدر: اليوم