كاتب وإعلامي سعودي
أسطوانة متكررة من التهديد والوعيد والإجراءات من وزارة التعليم تتكرر كل عام أنها لن تسمح لملاك المدارس الأهلية بزيادة الرسوم الدراسية في مدارسهم، ولكن الرسوم مستمرة في الزيادة كل عام، وأولياء أمور الطلبة في هذه المدارس يجدون أنفسهم أمام محاسب المدرسة وهو يطالبهم بدفع الرسوم التي عليها زيادة في كل عام، على رغم أن الوزارة وضعت موقعاً على شبكة الإنترنت لتسجيل اعتراضاتهم على زيادة الرسوم في مدارس أبنائهم وبناتهم، ولكن يبدو أن الرسائل لم تجد نفعاً، وقد يكون مصيرها المسح أو عدم الاهتمام بتلك الاعتراضات.
بعض ملاك المدارس كانوا أكثر صراحة في تصريحات لبعضهم نشرت في الصحافة المحلية الأسبوع الماضي، برروا وبشكل فج أسباب الزيادة بأن المصاريف التشغيلية لمدارسهم قد زادت، لاسيما قضية رفع الحد الأدنى لرواتب المعلمين والمعلمات إلى 5400 ريال، وهذه الزيادة -وللأسف- يتحملها أولياء الأمور، فكل زيادة في رسوم أية خدمات لها علاقة بالمدارس تفرض من بعض الجهات الرسمية يكون أولياء الأمور هم الضحية، وهم من يدفعها بشكل غير مباشر نيابة عن ملاك المدارس، وهم في النهاية يتبجحون بأنهم يقومون بتوظيف الكوادر الوطنية، ولكن على حاسبنا. البعض الآخر يدَّعي أن الزيادة هي بسبب رفع إيجارات المباني المستأجرة، ونحن لا نعرف إن كان هناك زيادة أم لا، المهم أن الأسباب جاهزة ومبررة من قبلهم، والمواطن لا يوجد لديه الآلية الفعالة لوقف هذا الجشع المتواصل.
وزارة التعليم تهدد وتزبد وترعد ولديها لجنة لضبط الرسوم، ولكن الأرقام دائماً صادمة عندما توافق تلك اللجنة لبعض المدارس الأهلية بزيادة رسومها التي تصل في بعض الأحيان إلى نسبة 90 في المئة من الطلبات المقدمة، وقد يكون هناك تداخل في المصالح بين صناع القرار وملاك المدارس الأهلية، مما يدلل عليه التساهل في رفع الرسوم في بداية كل عام، والملفت للانتباه أن كثيراً من ملاك المدارس الأهلية هم من مسؤولي التعليم السابقين، مما يعني أن لدى هؤلاء قوة ضغط؛ لتحقيق مصالحهم وهم خارج الوزارة، ولكن لم نسمع يوماً أن الوزير الحالي أو الوزراء السابقين قد اجتمعوا مع بعض أولياء الأمور من مناطق المملكة للاستماع لوجهة النظر الأخرى.
عندما تفتح المدارس ويتم رفع الرسوم يخيل إلى ولي أمر الطالب أن منشآت المدرسة ونظافتها ووسائل السلامة قد تم تجديدها حتى يطمئن قلبه ويقنع بالزيادة التي دفعها، ولكن عندما يلقي نظرة سريعة على المدرسة ومنشآتها يجد الحال كما هو في العام الذي سبقه، وقد يكون في حالة أسوأ، ولكن لا يجد من يقف معه من الجهات الرسمية لإيقاف هذا الاستغلال والتجارة في التعليم.
التعميم مفهوم خاطئ، فبعض المدارس مستواها ثابت أو في تطور وإن قامت بزيادة رسومها فله انعكاساته في العملية التعليمية، ولكن كيف يعقل أن يكون هناك معلمون يشجعون الآباء على إعطاء دروس خصوصية لأبنائهم وهم يدرسونهم في بعض المدارس الأهلية، فهؤلاء يبحثون عن مصالحهم الخاصة ولن يخلصوا في عملهم الرئيس في المدارس الأهلية التي يعملون بها، وأولياء الأمور مضطرين للدفع لهم.
المصدر: الحياة