
شارك معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، يوم الجمعة، الموافق 26 سبتمبر 2025، في ندوة بعنوان “محمد بن عيسى.. رجل الدولة وأيقونة الثقافة”.. لتكريم الوزير الراحل محمد بن عيسى، وزير الخارجية المغربي السابق، ومؤسس منتدى أصيلة الثقافي، وإبراز إسهاماته الكبيرة في تعزيز حوار الحضارات والثقافات، واستحضار جهوده العظيمة في خدمة الفكر والإبداع في المغرب والعالمين العربي والإسلامي.
أقيمت الندوة في إطار “خيمة الإبداع” ضمن فعاليات الدورة الخريفية، لموسم أصيلة الثقافي الدولي السادس والأربعين، الذي يقام خلال الفترة من 26 سبتمبر إلى 12 أكتوبر 2025، وحضرها نخبة كبيرة من أصدقاء وزملاء الراحل، من رجال السياسة والدبلوماسية والفكر، ونخبة من المثقفين والباحثين والإعلاميين من داخل المغرب وخارجه، بالإضافة إلى عدد كبير من محبي الفقيد والمتأثرين به.
وألقى معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي كلمة، أكد فيها حزنه الشديد لرحيل السيد/ محمد بن عيسى، واصفاً رحيله بأنه خسارة كبيرة للثقافة المغربية والعربية، معرباً في الوقت نفسه، عن ثقته الكبيرة في أن المملكة المغربية الشقيقة دائماً ما تكون زاخرة بالعباقرة الأفذاذ والملهمين القادرين على استكمال مسيرة التنمية الثقافية.
وقال السويدي، عرفت صديقي الراحل إنساناً نبيلاً، ورمزاً كبيراً للثقافة في عالمنا العربي والعالم، وأعتقد أنه سيظل خالداً بأعماله العظيمة وسيرته العطرة، ومسيرته المهنية والإنسانية الحافلة بذلك الإنجاز العظيم، المتمثّل في “منتدى أصيلة الثقافي”، وهو الإنجاز الذي ما كان ليتحقق لولا إيمان الراحل بالفكرة، لتنفيذ مشروعه الثقافي الوطني، ولولا ثقة جلالة الملك فيه.
وأضاف السويدي، إنني أدرك قدر الجهد الذي بذله الرجل، رحمة الله عليه، لتحقيق هذا الحلم الكبير لوطنه، خاصةً أن لي تجربة مشابهة، في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الذي بذلتُ جهداً جباراً من أجل تأسيسه، وتحوّل من حلم إلى واقع، بفضل ثقة سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله، وتوجيهات سموه.
وتابع السويدي، لقد كان محمد بن عيسى من أولئك الرجال الذين قلّما يجود بهم الزمان، رجال نذروا أنفسهم لخدمة وطنهم، ولرفع رايته في المحافل الدولية، وكان بحق سفيراً للمغرب في العالم، لا بالمنصب فقط، بل بالكلمة والموقف والخلق.
ووصف السويدي رحيل محمد بن عيسى بأنه خسارة كبيرة للدبلوماسية والحياة الفكرية والثقافية، في منطقة المغرب العربي خاصةً، وللأمة العربية والإسلامية عامة، ولأصدقاء كُثر من مختلف بقاع الأرض، مؤكداً أنه ترك أثراً لا يُمحى، قائلاً، إنه كان مدرسة في العطاء، وأن سيرته سوف تظل مصدر إلهامٍ للأجيال القادمة.
وأكد السويدي أن مشروعات محمد بن عيسى الثقافية تُعد نموذجاً يُحتذى به لكل من يريد أن يكون رائداً في مجاله وأعماله عن جدارة واستحقاق، واصفاً “موسم أصيلة الثقافي الدولي”، بأنه المشروع الأهم والأكثر ديمومة في مسيرة الفقيد الراحل، إذ تحوّل بفضل مجهوداته إلى حدث ثقافي عالمي، يستقطب كبار المثقفين والمفكرين، ويجمع بين الفن التشكيلي، والموسيقى، والشعر، والنقاش الفكري.
وأعرب السويدي، في ختام كلمته، عن أمله في أن تكون هذه المناسبة دافعاً قوياً لجميع القائمين على الشأن الثقافي والمهتمين به في المنطقة والعالم، وأن يكونوا دائماً أوفياء لرؤية الراحل محمد بن عيسى للثقافة، على أنها أحد أهم أدوات تحقيق التواصل الحضاري، ونشر وتعزيز قيم التسامح في العالم.
يشار إلى أن الراحل محمد بن عيسى، سياسي ودبلوماسي ورجل ثقافة مغربي، ارتبط اسمه بمسقط رأسه شمال المملكة بمدينة أصيلة، التي حوّلها إلى قبلة ثقافية وفنية حيث ظلّت منذ عام 1978 تجذب سنوياً أبرز الوجوه السياسية والفكرية والإعلامية من مختلف أنحاء العالم إلى موسمها الصيفي للحوار والنقاش حول الشؤون الثقافية والسياسة وما يهم العالم من قضايا مختلفة.
تولى بن عيسى، المولود في يناير 1937 بمدينة أصيلة شمال المغرب، وتوفي في 28 فبراير الماضي، منصب وزير الثقافة مطلع تسعينيات القرن الـ20 قبل أن يُعيَّن سفيراً للمملكة المغربية لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وأسندت إليه عام 1999، وزارة الخارجية المغربية التي قادها نحو 8 أعوام، وتفرّغ بعدها بالكامل لشؤون مدينة أصيلة والإشراف على موسمها الثقافي السنوي، حتى وفاته.