أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن منفذ العملية الإرهابية، التي استهدفت الكنيسة البطرسية، الملحقة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، أول أمس الأحد، يدعى محمود شفيق محمد مصطفى، عمره 22 عاماً، مؤكداً أنه فجر نفسه بحزام ناسف، وذلك على خلاف ما أثير بشأن إدخال قنبلة إلى الكنيسة رافضاً، في الوقت ذاته، وجود أي خلل أمني.
وأوضح الرئيس السيسي، خلال تقديم العزاء إلى ذوي الضحايا، عقب تشييع جثامين 24 شهيداً، خلال الجنازة الرسمية التي أجريت للضحايا أمس، وانطلقت من أمام النصب التذكاري للجندي المجهول بمدينة نصر بالقاهرة، أن الجهات الأمنية المسؤولة عكفت طول الليل على تجميع أشلاء جثة الانتحاري، مؤكداً أنه تم القبض على 3 من الجناة بينهم سيدة، ولا يزال البحث جارياً عن اثنين آخرين، مقدماً العزاء لمصر كلها، قائلاً: «العزاء لكل المصريين، وليس لكم فقط، والمصاب ليس مصابكم أنتم فقط، ولكنه مصابنا كلنا، وقلنا من قبل إننا يد واحدة لن يستطيع الإرهابيون أن يزرعوا فينا الإحباط، والإرهابيون يحاولون منذ 3 سنوات هز وحدة المصريين، من خلال إثارة البلبلة واستغلال القرارات الاقتصادية الأخيرة، وموجة الغلاء والإرهاب في سيناء لكن دون جدوى».
وشدد السيسي على أن الدولة لن تترك ثأرها حتى بعد القبض على المتهمين، مطالباً الحكومة، ومجلس النواب بالتحرك؛ «لأن هناك قوانين مكبلة ولا يستطيع القضاء التعامل بحسم مع هذه القضايا»، مشيراً إلى أن النجاح الذي يتم تحقيقه في مواجهة الإرهاب بسيناء حجمه كبير، نافياً أن يكون حادث الكنيسة بسبب خلل أمني، متابعاً: «أنا لو عايز أريحكم ممكن أعمل حاجات كتير، لكن أنا لا أتعامل معكم إلا بصدق وأمانة، واللي حصل إمبارح دي ضربة إحباط منهم، ولن يستطيعوا أبداً إحباطنا طول ما إحنا مع بعض كتلة واحدة، سننتصر لأننا أهل خير وبناء وليس أهل شر، وعزائي لكل أهل مصر وأقول لكل المصريين: هذه الضربة أوجعتنا وسببت ألماً كبيراً لنا، لكنها لن تكسرنا، وسنصمد ونكون أقوياء كالعادة، والحرب دي إن شاء الله هننجح فيها، وأرجو أن تقبلوا عزائي قداسة البابا».
وكان الرئيس السيسي قد تقدم المشيعين، بحضور رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ورئيس مجلس النواب علي عبدالعال، والمستشار عدلي منصور، الرئيس المؤقت السابق، والفريق أول صدقي صبحي، وزير الدفاع، واللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية، وكبار رجال الدولة، والبابا تواضروس الثاني بابا الكنيسة المرقسية، وسط هتافات معادية للإرهاب وتطالب بالقصاص للضحايا.
وعبر البابا عن شكره للرئيس السيسي، مؤكداً أن مشاركة رجال الدولة في الجنازة تمثل تكريماً وتقديراً، وعزاء للجميع، فالمصاب جلل لكل المصريين وليس للأقباط أو الكنيسة فقط.
وأكد البابا أن المصريين -مسلمين وأقباطاً- في وحدة كاملة، فالمحن تزيد المصريين صلابة وقوة وارتباطاً ومسؤولية لمواجهة الإرهاب، مؤكداً أن كل المصريين يحترمون دور العبادة، ويحترمون حرمة الدم.
وكان البابا قد ترأس قداس الصلاة على جثامين وأرواح الضحايا، الذي أقيم في كنيسة العذراء بمدينة نصر، حيث وضعت الجثامين في هيكل الكنيسة، وسط حضور كبير لأهالي الضحايا، وسط مشاعر حزينة خيمت على الجميع.
وأكد البابا خلال القداس أن الشعب المصري لا يعرف العنف أو الإرهاب، مشيراً إلى أن سفك الدم له عقوبة شديدة عند الله.
وكان الرئيس السيسي عقد اجتماعاً أمنياً صباح أمس، في ضوء الحادث الإرهابي، الذي استهدف الكنيسة البطرسية.
وصرح السفير علاء يوسف، المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن السيسي تلقى خلال الاجتماع، تقريراً حول ملابسات الحادث الإرهابي، وما توصلت إليه الأجهزة الأمنية من أدلة، وما تقوم به من جهود في سبيل الوصول إلى مرتكبيه. وأضاف أن السيسي أكد، خلال الاجتماع، ضرورة مضاعفة الجهود من أجل سرعة القبض على مرتكبي الحادث، وتقديمهم إلى العدالة في أسرع وقت، مؤكداً أن الدولة عازمة على القصاص لضحايا هذا الحادث من المصريين الأبرياء.
وأضاف أن السيسي اطلع على تقرير حول الإجراءات، التي تقوم بها القوات المسلحة، وقوات الشرطة لمكافحة العناصر والخلايا الإرهابية في مختلف أنحاء الجمهورية.
وأوضح المتحدث أن السيسي أشاد بما أظهره الشعب المصري من الوقوف صفاً واحداً في مواجهة الإرهاب الغاشم، مؤكداً أن العمليات الإرهابية لن تزيد المصريين إلا إصراراً على اجتثاث جذوره من أرضها المقدسة، موجهاً في نهاية الاجتماع جميع الأجهزة الأمنية بأهمية استمرار العمل بأقصى درجات الحذر واليقظة والاستعداد القتالي، بما يضمن الحفاظ على أمن الوطن وسلامة المواطنين.
وعلى صعيد الحالة الصحية للمصابين، أكد مصدر مسؤول بوزارة الصحة أمس، أن 21 شخصاً لا يزالون يعالجون في المستشفيات من بين 49 مصاباً، غادر منهم 28 مصاباً المستشفيات بعد تحسن حالتهم، مشيراً إلى أن المصابين في حالة جيدة، عدا 3 حالات حرجة، تعالج في العناية المركزة، بمستشفى دار الشفاء، موضحاً أن عدد الوفيات 24 حالة.
وعلى صعيد التحقيقات، واصلت نيابة أمن الدولة العليا أمس التحقيق، وذكر مصدر قضائي أن الطب الشرعي تفحص أشلاء جثة تم العثور عليها في مكان الانفجار، يرجح أن تكون على علاقة بعملية التنفيذ، ولم تتسلم النيابة التقرير النهائي الخاص بها بعد، وأوضح المصدر أن النيابة تحفظت على أشلاء من جثة المشتبه بتنفيذه الانفجار، منها رقبته وقدماه.
وفي السياق تسلمت النيابة أمس، تقرير الطب الصفة التشريحية الخاص بالضحايا. حيث توصلت التحقيقات الأولية إلى أن المواد المستخدمة في تصنيع المادة المتفجرة، هي نفس المواد التي استخدمها منفذو انفجار الكمين الأمني بمنطقة الهرم صباح الجمعة الماضي.
وأظهرت التحقيقات، بحسب مصدر قضائي، أن الضحايا لقوا مصرعهم نتيجة إصابات وجروح ردّية انفجارية تسبب فيها تطاير معادن، وقطع حديدية من المواد المتفجرة.
المصدر: الخليج