كاتب سعودي
هل على كل حاكم إداري أن يقوم بجولات سرية للوقوف على حقيقة بعض الأمور؟؟. الجواب نعم عندما تكون تلك الأمور أو الشكاوى مشكوكا في صحتها، أو عندما لا تصل حقيقتها كما هي، أو عندما تقدم الجهات التنفيذية المسؤولة عنها بشكل مباشر معلومات غير دقيقة تخالف الواقع. ولكن في زمن العمل المؤسساتي لا يفترض أن يقف هرم الإدارة في أي منطقة على كل صغيرة وكبيرة؛ لأنه لن يستطيع ذلك دائما، ولأن المسؤولية المتخصصة طالما أنيطت بمسؤول في جهة ما فعليه وعلى إدارته الوفاء بها، إن لم يكن بإنجازها على أكمل وجه، فعلى الأقل شرح أسباب التعثر بكل شفافية وصدق حتى يتسنى إيجاد الحلول وإزالة المعوقات.
يوم أمس، طالعتنا «عكاظ» بخبر رئيسي في صفحتها الأولى يقول عنوانه: «جولة سرية لأمير مكة تنهي معاناة حيي الحرمين والأجاويد». وفي ثنايا الخبر أن الأمير خالد الفيصل قام بتلك الجولة وتأكد من تضرر سكان هذين الحيين من طفح المياه الجوفية التي باتت تحاصر مساكنهم وتتكاثر فيها الحشرات والقوارض التي تحمل الأمراض، وقد وجه فور انتهاء جولته الشركة الوطنية للمياه للبدء فورا في معالجة الوضع، وبدورها، تعهدت الشركة لأمير المنطقة بالبدء هذا الأسبوع في معالجة جميع المشاكل التي تؤرق السكان والانتهاء منها وفق برنامج زمني عاجل وإحاطته بنتائج ذلك فورا.
إن الحقيقة التي يعرفها الجميع أن مشكلة هذين الحيين بالذات مع المياه الجوفية ليست وليدة الحاضر أو الماضي القريب، وإنما هي مشكلة مزمنة لم يترك السكان بابا للجهات المسؤولة إلا طرقوه بحثا عن حل لها، وقد تناولتها الصحافة مرارا وتكرارا بالتغطية المفصلة المدعمة بالصور المزرية، لكن الحلول ظلت غائبة أو مؤجلة أو جزئية. وقد أصبح كل سكان جدة تقريبا يعرفون حقيقة المشكلة وحجم ضررها، ولذلك يكون العجب ــ كل العجب ــ أن تجد الشركة الوطنية للمياه حلولا سحرية فورية بعد زيارة الأمير، وتعجز عنها قبل زيارته. إن هذا الوضع بقدر ما يشير إلى التهاون في المسؤولية، فإنه يضع علامات استفهام كثيرة حول المبررات والأعذار التي تضعها كثير من الإدارات التنفيذية عند الاستفسار عن أسباب تعثر مشاريعها أو إتمامها على غير الوجه المطلوب، وهذا ما يقودنا إلى القول بأنها مشكلة كبيرة جدا إذا كنا نحتاج بالضرورة إلى جولات سرية للوقوف على حقائق الشكاوى وتعثر المشاريع، لكن يبدو أنه لا مناص من ذلك في الوقت الحاضر.
المصدر: عكاظ