تحقيق: مها عادل
هل فكرت يوماً أن تعيش الخيال على أرض الواقع؟ هل تصورت إمكانية أن تلمس بيديك الحلم وتحيا داخل الأساطير وتسير بين دروبها وأنت في كامل يقظتك ووعيك؟ منتجع أتلانتس النخلة يوفر لك هذا التزاوج المدهش بين الحلم والحقيقة من خلال زيارتك لأكواريوم الغرف المفقودة الذي يجعلك على تماس وثيق مع أسطورة مدينة اتلانتس الغارقة .
تقول الأسطورة إن حضارة عظيمة كانت تسكن قارة قديمة منذ آلاف السنين، كان يحكمها ملوك من الحكماء والفلاسفة، حققوا رخاءً مذهلاً وتقدماً علمياً راقياً ونجحوا في تقديم السلام لشعب من البشر السعداء الذين عاشوا في مدن مزدهرة، ولكن فجأة حدثت كارثة طبيعية جعلت الطوفان يبتلع هذه المدينة الجبارة لترقد في قاع المحيط، هذه أسطورة القارة المفقودة التي ذكرها الفيلسوف الإغريقي أفلاطون في كتاباته وجعلت الشعراء والأدباء يتغنون بهذه اليوتوبيا التي اندثرت ولم يبق منها إلا اسم المحيط “الأطلنطي” نسبة إلى اسم القارة المقترضة “أتلانتس” .
في دبي، أراد منتجع أتلانتس النخلة إعادة إحياء هذه الأسطورة من خلال أكواريوم “الغرف المفقودة”، الذي يقدم لزواره مغامرة مذهلة تحت الماء وفي سراديب الأسطورة القديمة التي تتجسد حية أمامهم بفضل مزيج من الديكورات المتقنة والمؤثرات البصرية والضوئية والخيال الجامح الذي يصنع تفاصيل المكان .
بمجرد دخولك إلى منتزه الغرف المغلقة تتسع عيناك تلقائياً للحصول على أكبر قدر من الضوء بفعل الإضاءة الخافتة التي تنقلك مباشرة لجو الأسطورة، يوظف الديكور الداخلي مع النوافذ الزجاجية الواسعة المطلة على قاع الأكواريوم لتعطي الزائر إحساساً بأنه موجود في سراديب المدينة الغارقة بالفعل، تتكامل الأطلال الموجودة تحت الماء مع الكهوف التي تمثلها الغرف المغلقة لتقدم تجربة مميزة بينما يتاح لهواة الغوص فرصة لجولة حقيقية وسط الأطلال الغارقة والأسماك من كل حجم ونوع بما فيها القرش، مشهد طريف أن تجد الغواصين يلوحون لك من وراء النوافذ الزجاجية للأكواريوم بينما تمضي في جولتك تستكشف الأعماق دون بلل . . وتتوقع في كل لحظة أن تجد كنزاً غارقاً أو كهفاً مرعباً من الكهوف البحرية المملوءة بالأسرار والمخلوقات الغامضة .
تتواصل عملية الاكتشاف فيما لا يزال الضيوف يسافرون عبر أكواريوم الغرف المفقودة، والتي تضعهم على تماس وثيق مع الأسطورة والاختراعات المتقدمة في أتلانتس القديمة، وطوال تلك الرحلة، يمكنهم ملامسة الصهاريج المملوءة بنجوم وقنافذ البحر التي تعيش في مياه البحر العربي المحلية، فضلاً عن مجموعات من سرطان البحر والعناكب البحرية، ما يسمح للضيوف ملامسة الحياة البحرية، والإحساس بها ومعايشتها .
يقودنا في الرحلة الملاح، وهو دليل مؤهل عالم بأسرار الحياة البحرية والأسطورة الأطلسية القديمة، اسمه مارك اصطحبنا في رحلة تستغرق ما يقرب من 45 دقيقة، وتبدأ منذ اللحظة التي يتلقى فيها الضيوف (يصل عددهم كحد أقصى إلى 6 ضيوف في كل جولة)، تحية الاستقبال من قبل الملاح الذي يرافق المجموعة إلى المحطة الأولى في طريقهم نحو اكتشاف هذا المكان، وهي الغرفة الميكانيكية لبحيرة “أمبسادور” . وتعتبر العملية البحرية في أتلانتس عملاً فنياً مثيراً للإعجاب، خاصة عندما نعرف أن هناك ما يزيد على 42 مليون لتر من مياه البحر تدور في شتى أرجاء البحيرات والمعارض والبرك . ويحصل الضيوف هنا على فهم أفضل للطريقة التي يتم فيها سحب المياه من البحر العربي قبل أن تصل إلى نظام مفتوح من خلال خزان يتسع لقرابة أربعة ملايين لتر، لتتم بعد ذلك تنقية الرمال، ثم تخضع لعملية تنظيف الماء بالأوزون، وذلك قبل أن تجد طريقها نحو المواطن البحرية حول المنتجع، يتوجه الزوار بعد ذلك لزيارة مستشفى الأسماك وبرك الحجر الصحي والقسم الخاص بصغار الأسماك حديثة الولادة، والأقسام المخصصة للكائنات المريضة ووحدة التأقلم مع الحياة البحرية، كما يزورون المنطقة المخصصة لإعداد الطعام الذي يقدم يومياً 300 كيلوغرام من الأسماك المناسبة للاستخدام في المطعم، بما في ذلك الجمبري والحبار وأسماك السردين والبلم وبفضل هذه الكميات الكبيرة من الطعام تظل الأسماك المفترسة في حالة شبع دائم ولا تقوم بافتراس الأسماك الأصغر داخل الأكواريوم .
وسط الجولة ألتقي مجموعة من الزوار وأحصل على انطباعات مبهورة بالتجربة، وندي دوران من لاس فيغاس تقول: “أنا أزور دبي لأول مرة حيث حضرت مع فرقة غنائية تقدم حفلاتها في مدينة دبي للإعلام، وبحثنا على الإنترنت عن المعالم المميزة في دبي التي يمكن ترشيحها للزيارة ولفت نظري هذا المكان حيث إنه كان على رأس القائمة للأماكن السياحية بدبي، وعندما جئت وجدته مبهراً إلى أقصى درجة فهو مبتكر ومملوء بالخيال وفنون العمارة، والمضيفون ودودون ويقدمون معلومات كاملة عن المعروضات بطريقة شيقة وطريفة .
لورا شيروود من لوس انجلوس تقول: “لم أر مثيلاً لهذا المكان من قبل فهو ليس مجرد مكان لعرض الأسماء المتنوعة ولكنه مختلف تماماً، زرت أكثر من أكواريوم حول العالم، أكثرها تميزاً في لوس انجلوس على الشاطئ ولكنه غرف زجاجية معروضة تعيش فيها أسماك بأحجام مختلفة، ما أراه هنا يختلف كثيراً فهو يحمل قدراً كبيراً من الإبهار والقدرة على الإمتاع، بالتأكيد هذه الزيارة لن تكون الأخيرة وسأعمل على تكرار الزيارة كلما جئت إلى دبي .
داستاس جوبونا من نيروبي يقول: “هذه المرة الرابعة التي أزور فيها هذا المكان ولا أمل أنا وأسرتي وأطفالي من زيارته والتجول بين الغرف والقاعات، نحن نقضي به وقتاً ممتعاً مملوءاً بالمرح وتمر ساعات طويلة علينا من دون الشعور بمرور الزمن، بناتي يستمتعن بقضاء الوقت في متابعة حركة الأسماك، وسماع قصة المدينة الغارقة وحضارتها، فالأطفال يحبون الحكايات وعبقرية هذا المكان أنها تجعلهم يعيشون داخل الحكاية، يشعرون بأنهم جزء منها وليسوا متفرجين عليها أو سامعين لها .
ماركيز توفار من ألمانيا يقول: “هذه أول مرة أزور فيها دبي وسعدت كثيراً باكتشافي لهذا المكان فهو أكبر وأضخم أكواريوم شاهدته في حياتي، وعدد الأسماك به كبير وتتميز بتنوع شديد في أنواعها وألوانها وأحجامها وقدرتنا على الاقتراب منها بهذه الطريقة يمثل ميزة هائلة تزيد من متعتنا بها .
أما يانيك توفار فيقول “سعدت بزيارة المكان مثل أبنائي، فالمكان والديكور والأسطورة تمثل توليفة قادرة على إثارة فضول الكبير قبل الصغير، وتعدد الأنشطة التي يمكن ممارستها داخل المكان تعطي تنوعاً ومتعة بصرية فائقة للزيارة، وأتصور أنني في المرة المقبلة سأقدم على تجربة الغوص داخل أطلال المدينة الغارقة وسط الأسماك العملاقة، فستكون مثيرة وغير مسبوقة بالنسبة لي .
تجربة فريدة
يقول “سيرج زعلوف”، الرئيس والمدير التنفيذي للمنتجع: “إنه من مدعاة فخرنا تقديم تجربة فريدة لكل الضيوف من جميع الأعمار، جميل أن نرى بريق السعادة في عيون الأطفال عندما يزورون بحيرة أمباسادور لاغوون للمرة الأولى، وعندما يحصلون على تفاعلهم الأول مع كائنات أكواريوم الغرف المفقودة، ومن خلال خبرتي أقول إنها تجربة من الصعب نسيانها . ومن بين أكثر الأشياء طلباً من قبل زوارنا وضيوفنا جولة ما وراء الكواليس لأنها تمكنهم من الاقتراب إلى أندر الحيوانات التي يرونها في حياتهم، ونحن في معظم الأوقات نعرض لهم تجارب التزاوج الناجحة لكائنات فرس البحر أو السمك الشعاعي” .
ضخ ما يقرب من 42 مليون لتر من المياه المالحة في شتى أنحاء هذا المنتجع المقام على مساحة قدرها 46 هكتاراً، لتكون موطناً لما يزيد على 65 ألفاً من الأسماك والكائنات البحرية التي تمثل أكثر من 250 فصيلة مختلفة، ولا يوجد لهذه البيئة أي مثيل، ما يجعلها تحتل المرتبة الثانية بعد الطبيعة الأم، وتتم إدارة هذا التناغم في الحياة البحرية من قبل فريق يضم أكثر من 165 عضواً يعملون بدوام كامل من المتخصصين في مجال الحيوانات البحرية، ومن بين هؤلاء الأطباء البيطريين والمتخصصين البيولوجيين وخبراء الأحواض البحرية والغواصين ومديري المختبرات وفنيي الأغذية والميكانيكيين والقائمين على المرافق، ممن يشرفون على هذا النظام البيئي الحساس على مدى 24 ساعة يومياً، ويمتلكون مجتمعين أكثر من 200 سنة من الخبرة التي اكتسبوها من المعاهد البحرية العالمية الشهيرة والمرافق المنتشرة في أوروبا والهند وجنوب إفريقيا والفلبين وجزر البهاما والولايات المتحدة .
وفي بحيرة الأكواريوم يمكن للضيوف النظر من خلال لوحة مشاهدة تبلغ مساحتها 10 أمتار مربعة، للاستمتاع برؤية حوض بحري تبلغ سعته 11 مليون لتر من الماء، إضافة إلى معرض تحت الماء، وهو موطن لشوارع وساحات غارقة ترمز إلى العالم الأسطوري المفقود لمدينة أتلانتس، وهناك، يقف الضيوف يشاهدون ذلك المشهد بشيء من الرهبة والانبهار، لمراقبة الحيوانات البحرية التي تعيش بسلام وسط الآثار المفقودة، وتركز هذه المواطن على الحياة البحرية الموجودة في المياه المحلية في البحر العربي، بما في ذلك أسماك التراقيلي الذهبية والكوبيا والأسماك الهلالية ومجموعة متنوعة من أسماك القرش والأسماك الشعاعية أو الشفنين .
المصدر: الخليج