افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، صباح اليوم، معرضي الفنانتين بشرى خليلي بعنوان «بين الحلقات والكوكبات»، والفنانة إميلي كاراكا بعنوان «كا أواتيا، فجر جديد»، وذلك بالمباني الفنية في ساحة المريحة. يُقدّم المعرضان، اللذان تنظمهما مؤسسة الشارقة للفنون ضمن برنامج خريف 2024، أعمالاً متنوعة للفنانتين العالميتين يتم من خلالها التعبير بالفنون المتنوعة، عبر سرد القصص والعروض المرئية والصوتية، وكتابة النصوص المصاحبة، وابتكار النظريات، وإعادة تشكيل المفاهيم، إلى جانب الأنماط الفنية المتعددة والرؤية الواسعة والتضامنية مع قضايا المجتمعات وإبرازها، ما يُعزّز سعي المؤسسة الجاد إلى تقديم التجارب الفنية المتميزة، وفتح أبواب الحوار مع الهُويات الثقافية والحضارية في العالم كافة. وتجوّل صاحب السمو حاكم الشارقة، فور وصوله بمعرض الفنانة بشرى خليلي، وهو من تقييم الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، مع أمل العلي وميرا مادهو، القيّمتين المساعدتين في المؤسسة.
واستمع سموه إلى شرح مفصل من الفنانة عن الأعمال الفنية المعروضة، ودلالتها المختلفة، وما ترمز إليه من مفاهيم ومعانٍ، تعكس التجربة الغنيّة لها في مسيرتها مع الفنون والثقافة والمعرفة. وتوقف سموه عند عدد من الأعمال الفنية التي يضمها المعرض ومن ضمنها الأفلام وشاهد جانباً منها، وتعرّف على مكوناتها وما تسعى إلى نقله كفكرة فنية مبسّطة إلى الجَمهور، وما تعكسه من رؤية فنية ألهمت الفنانة وحفّزتها على إنجاز أعمالها، التي يغلب عليها التنوع البارز في الدمج بين المواد البصرية والصوتية المتنوعة، في مشروعاتها المختلفة التي حاولت فيها التعبير عن أفكارها المستمدة من التجارب التاريخية القديمة وأهمية التضامن بين المجتمعات العابرة للحدود، واحتياجات الإنسان فيها، بعيداً عن التمييز الذي يكون ضاراً بالحالة الإنسانية بين البشر، التي يجب أن تكون متحدة وملتحمة لا العكس. يأتي معرض الفنانة بشرى خليلي، ذات الأصول المغربية الفرنسية، كأحد المعارض الفنية المتميزة عالمياً، ليضيء على الاستقصاء والبحث الدقيق، الذي اتبعته الفنانة في بحثها ونبشها للتاريخ الغائب، من خلال تقديم مجموعة مختارة من المشروعات البارزة التي طوّرتها على مدار السنوات الخمس عشرة الماضية. وتتجاوز أعمال الفنانة التصنيفات التقليدية كالروائي أو الوثائقي، لتدمج ببراعة بين المواد البصرية والصوتية المتنوعة، ما يتيح لها صياغة فرضيات حول أشكال جديدة ومبتكرة من الانتماءات. وتركز الفنانة بشرى خليلي بعدد من مشاريع أعمالها الفنية، على إبراز قضايا المهاجرين، وما يتعرضون له من طمسٍ للوجود أو الهوية.. وتعبّر الكلمتان الأساسيتان في عنوان المعرض وهما «الحلقات» و«الكوكبات»، عن المجتمعات المحتملة التي تتراءى في أعمال الفنانة، حيث إن «الحلقات»، ومفردها «حلقة»، تُمثّل تجمعاً أو نوعاً من أنواع اللقاءات النمطية في المملكة المغربية موطن الفنانة، وهو لقاء اجتماعي بحت يتم فيه سرد القصص، حيث يتجمّع الناس من مختلف الأجيال لتبادل الذكريات والأفكار السياسية.. ويظهر هذا النمط وهو الحلقات في أعمال الفنانة منذ بداياتها، لكنه يبرز على نحو خاص في مشاريعها الأخيرة. وتستمدّ كلمة «الكوكبات» جذورها من فكرة شبكة التضامن العابرة للحدود ليكشف المعرض من خلالها عن ارتباطات عميقة بين مجموعات المهاجرين، والحركات المناهضة للاستعمار عبر البحار والقارات. ويأتي المعرض الحالي للفنانة بشرى خليلي، عبر هذه الأعمال المتنوعة، ليسلط الضوء على ما تسميه الفنانة «المواطنة الراديكالية»، وهي فكرة تُقدّم مفهوماً غير مشروط، للمجتمع يتخطى الحدود التقليدية للهوية.
وتتميز أعمال الفنانة بشرى خليلي بتنوعها الكبير، بما يشمل الأفلام والفوتوغراف والطباعة والأعمال التركيبية والنشر والنسيج، متخذة من تعاونها مع أفراد المجتمعات، التي تعاني من الممارسات غير الإنسانية، سمة ثابتة وحيوية في أعمالها، بما يتيح للأفراد من مشاركيها في أعمالها، تقديم خبراتهم الشخصية والجماعية، مساهمين معها في تطوير طرق جديدة لفهم التاريخ، وفي سبيل ذلك تستخدم الفنانة بشرى خليلي المونتاج، أداة فعّالة للتعبير والتأمل، ما يعزّز من أسلوبها السردي في تحويل الجمهور إلى مشاركين فاعلين. واطلع صاحب السمو حاكم الشارقة على معرض الفنانة الماورية «إميلي كاراكا» التي تعبّر عن خصوصية الفنون وقضاياها المجتمعية في مناطق أصولها، التي ترجع إلى قبائل «إيوي» المتواجدة على أراضي تاماكيماكاوراو، ومضيق أوكلاند، ووايكاتو- تاينوي، ونغاتي كاهو، ونغاتي هيني في نيوزيلندا، والمعرض من تقييم الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، وميغان تاماتي- كوينيل، إحدى قيّمات بينالي الشارقة 16، مع أمل الخاجة وعبدالله الجناحي، القيّمين المساعدين في مؤسسة الشارقة للفنون. وشاهد سموه العديد من الأعمال الفنية التي يضمها المعرض، من اللوحات ذات الخامات المتنوعة وضمت الأكريليك والألوان الزيتية والباستيل الزيتي على القماش، والألوان الزيتية على لوحات كاورى، حيث تشتهر الفنانة إميلي بكونها تعبّر عن وجهة نظرة محددة في القضايا السياسية للمنطقة التي تنحدرُ منها، وتتميّز أعمالها بالألوان اللافتة والكثافة التعبيرية والكتابة بلغاتٍ مختلفة وبيان التواريخ الهامة المختلفة. وتعرّف صاحب السمو حاكم الشارقة، عبر شروح مفصّلة من الفنانة إميلي كاراكا خلال الجولة، على أعمالها المتنوعة، التي تعكس فيها أفكارها بالتزامها كمثقفة معروفة تجاه مجتمعها وتُظهر عبرها توازناً مُدهشاً بين دقة الرسومات التي تقدمها كفنانة، والقِيم التي تحملها، التي تبعث من خلالها رسائل واضحة حول ما تؤمن به تجاه قضايا العدالة الاجتماعية والبيئة والانتماء القوي للجذور والعائلة والاعتزاز بذلك. واستمع سموه إلى أناشيد باللغة الماورية من الفنون القديمة التراثية من الفنانة ومجموعة مصاحبة من المؤديات. ويسلط معرض «كا أواتيا، فجر جديد»، الضوء على أعمال إميلي كاراكا وهي فنانة سياسية مؤثرة في بلادها والعالم، تجمع بين رؤيتها الفنية وقيمها العميقة حاملةً لواء المعرفة الثقافية والتاريخ القبلي الثري. ويجمع المعرض بين مختارات من مقتنيات عامة وخاصة، تغطي خمسة عقود من مسيرتها، إضافة إلى تكليفات خاصة وجديدة من مؤسسة الشارقة للفنون. وتُعتبر الفنانة إميلي كاراكا فنانة تعبيرية تجريدية، ومُلوّنة استثنائية تقدّم أحياناً فناً تجميعياً، واجتهدت لتطوير معرفتها وتعليم نفسها، وتصف لوحاتها بأنها «مناظر طبيعية سياسية»، أو «بورتريهات ذاتية متعمقة تغوص في المناظر الطبيعية». حضر افتتاح المعرضين إلى جانب صاحب السمو حاكم الشارقة، الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، والشيخة نوار بنت أحمد القاسمي، مدير مؤسسة الشارقة للفنون، ومحمد عبيد الزعابي، رئيس دائرة التشريفات والضيافة، وعدد من الفنانين والمثقفين والمسؤولين والإعلاميين.
المصدر: وام