كاتب سعودي
يُقال إن من يرفع صوته في الحوار فهو ضعيف الحجة، أما إذا كانت حجته قوية فلا مبرر لاستخدام الأسلوب الهجومي خاصة أمام دفاع ضعيف.
أتحدث هنا عن حالة إدارية وتربوية بعيداً عن الأسماء، نطرحها للتحليل من زاوية مهارة الاتصال وفن الحوار لتحقيق الفائدة وليس لغرض النقد من أجل النقد.
في إحدى الجامعات وفي حوار مفتوح مع مدير الجامعة وجه أحد طلاب السنة التحضيرية في المجال الصحي استفساراً إلى مدير الجامعة عن سبب عدم وجود دكتور سعودي في الجامعة.
مدير الجامعة بدأ الرد متجهاً نحو الشخص (الطالب)، وليس نحو الموضوع، كانت بداية غير إيجابية حيث قال: أنت السبب وإخوانك والأجيال السابقة، بعد هذه البداية التي لا تفتح المجال لنقاش موضوعي اتجه مدير الجامعة إلى الإجابة بطريقة موضوعية ومنطقية موضحاً – وهو محق في ذلك – أن الأجانب العاملين في الجامعة هم إخواننا، وجاؤوا لخدمتنا وخدمة الوطن، والجامعة لا يمكن أن تقبل إلا من تنطبق عليه الشروط. وأشار المدير إلى أن الجامعة وضعت إعلانات وظيفية مفتوحة طيلة أيام السنة، ولم يتقدم أي سعودي تنطبق عليه الشروط للعمل في المجال الصحي والمجال الهندسي.
نلاحظ في توضيح المدير أنه بدأ يتكلم عن حقائق، لكن البداية في الرد على سؤال الطالب لم تكن مشجعة لا للطالب ولا لفتح حوار موضوعي. المشكلة كانت في الأسلوب وليس في المحتوى.
البداية الإيجابية هي توجيه الشكر للطالب على فتح هذا الموضوع، وهي فرصة للمدير للتوضيح والتعريف بخطة الجامعة في هذا الشأن، والصعوبات وكيفية التعامل معها للتوصل إلى الحلول المناسبة.
شخصياً أعتقد أن وجود أساتذة من خارج المملكة مهم جداً حتى لو توفر المتخصصون من أبناء الوطن، أقول هذا لأن التنوع مطلوب خاصة في مجال التعليم.
في التربية يشجع المعلمون والتربويون الطلاب على طرح الأسئلة؛ لأن السؤال هو الطريق إلى المعرفة، وبناء الشخصية، وتنمية مهارة التفكير والتحليل. في الإدارة يحث المدير موظفيه على طرح الأسئلة وتقديم الحلول وتحفيزهم على المشاركة، وفي الحالة التي أمامنا كان من الأفضل شكر الطالب على سؤاله الذي يعكس اهتمامه، ويمكن أن يطلب منه دراسة الموضوع وتقديم تقرير يتضمن الحلول. بهذه الطريقة يكون الجميع في قارب واحد ويصبح جو الحوار إيجابياً وموضوعياً، ويصبح الطالب جزءاً من الحل وليس جزءاً من المشكلة.
الجامعة مؤسسة علمية بحثية تقدم المبادرات والحلول في قضايا المجتمع كافة، وهذا لا يتأتى إلا بالحوار الموضوعي وتشجيع التفكير النقدي الذي يخدم أهداف الجامعة ومستوى مخرجاتها.
المصدر: الرياض