كاتب وصحفي سعودي
درست مع شاب تركي يدعى مصطفى. لدى زوجة هذا الشاب تجربة مختلفة في حل مشكلاتهما الزوجية رواها لي منذ سنوات وما زلت أتذكرها وأستعيدها وأرددها على مسامع أصدقائي. يشير مصطفى إلى أن زوجته ابتكرت فكرة للتعبير عما يخالجها من مشاعر سلبية تجاه زوجها بصناعة صندوق أحمر رسمت عليه كلمة: أحبك ممسكة بوردة، ووضعت في سقفه مساحة ضيقة لتتمكن من إدخال ورقة فيه كلما أزعجها شيء من زوجها. ومنحت مفتاح الصندوق الوحيد لمصطفى. فعندما تتراجع عن رأيها أو تصفح عنه لا يمكن لها أن تعدل عن قرارها وتسحب الورقة. مصطفى وحده من يتصرف في مشاعرها. يمزقها أو يرميها أو على الأرجح يحتضنها. مفردة “أحبك” التي توسدت الصندوق دلالة على أن كل ما يكتب فيه نابع من المحبة. فالعتب على قدر المحبة. وكلما وضعت الزوجة عتبا جديدا في الصندوق أرسلت لزوجها برسالة نصية تبلغه فيها كي يفتحه ويتصفحها. ينقل لي مصطفى أن زوجته لجأت إلى هذا الحل حتى لا تتفاقم المشكلات بينهما في النقاش المباشر بعد معارك كلامية سابقة. وكذلك حتى يحتفظ بالملاحظات التي كتبتها ولا تذرها رياح النسيان عبر العتاب الشفهي. يؤمن مصطفى بأنه استفاد شخصيا من هذا الصندوق. لم يتخلص من كل اختلافاته مع زوجته لكن تجاوز بعضها. كما أن مصطفى، بناء على اقتراحات أصدقائه الذين ألهمتهم الفكرة، يفكر أن يطرح كتابا مستوحى من هذا الصندوق الأحمر، بعنوان: “حتى لا تخسر زوجتك: أفكار من تجربة واقعية”.
أعجبتني تجربة زوجة مصطفى كثيرا. ففيها تنفيس عن المشاعر دون انفعال، انتقاد بلا صراخ، عتب بلا إلحاح، احتجاج متنكر في زي وردة.
أعتقد أن فكرة الصندوق جديرة بالتطبيق ليس بين الأزواج فحسب، بل بين حتى الإخوان والأصدقاء والأقارب. لعلها تسهم في رأب الصدع وتقريب وجهات النظر والعمل على تطوير علاقاتنا الإنسانية.
كلماتنا تصبح أجمل أحيانا عندما نكتبها. تبدو أقل حدة أكثر شاعرية.
المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2015/01/15/article_922887.html