كاتب وصحفي سعودي
أعجبني خلال زيارتي متحف ملعب نادي بايرن ميونيخ الذي يلقب بـ (البافاري)، نسبة إلى مقاطعة بافاريا مسقط رأس النادي، كل شيء تقريبا. فالمتحف مليء بالدهشة والقصص غير المكررة. يعرض قمصان اللاعبين القدامى وأغراضهم الشخصية ورسائلهم لأمهاتهم وزوجاتهم قبل المباريات المصيرية. يضع المتحف أحذيتهم برفقة قصص الأهداف التي أحرزوها وهم يرتدونها. سحرني الفيديو الخاص بإنشاء الملعب منذ أن كان بذرة في رؤوس مهندسيه. مادة بصرية سينمائية مشوقة ومفيدة وغنية.
أسرني وضع القائمين على المتحف، فانيلة لاعب برشلونة الإسباني وقائد المنتخب الأرجنتيني، لونيل ميسي، بمعيّة أحد أحذيته الذهبية وإحدى كراته الذهبية التي فاز بها. الجميل في هذه المبادرة أنها تنبذ التعصب. فهذا النادي الألماني العريق يثبت لأنصاره أن منافسته لبرشلونة وغيره من أندية العالم لا تتجاوز حدود الملعب. ولا يَرَوْن أن في وضع فانيلة أحد لاعبي الفرق المنافسة تقليلا من مكانتهم؛ بل دليلا على ثقتهم وحضارتهم وتميزهم.
الأجمل من كل شيء في هذا المتحف هو الركن الخاص بالجماهير. هناك صور لجماهير من مختلف أرجاء العالم. من الإمارات والسعودية واليابان وبريطانيا.اشتمل هذا القسم على كراسي متحركة وصور خاصة لمشجعيه من ذوي الاحتياجات الخاصة. كتب فرانك بيكنباور، إحدى أساطير هذا النادي معلقا على صورة مشجع يهتف وهو على كرسي متحرك: “نحبك يا مايكل. نعلم المصاعب التي تتكبدها؛ لتحضر المباريات ورغم ذلك تحضر وتبتسم وتصفق. أنت أحد أسباب نجاحنا”.
هكذا تبني الأندية نجاحها. هكذا تحرز البطولات. كلما أصبحت أكثر وفاء مع محبيها ومكتسباتها حاصرها المجد ولاحقها جمهورها بكل تفانٍ.
تفتقد معظم أنديتنا؛ بل أغلب مؤسساتنا العربية، ثقافة الوفاء مع رعيلها الأول أو مع شركائها. لذلك يتحول أغلب منسوبيها السابقين إلى خصوم بعد انتهاء علاقتهم الرسمية مع جهاتهم.
إننا نفتقر إلى الوفاء حتى مع أحبتنا. لا ندخر مواقفهم الإيجابية في أدراج صدورنا، فتغرب علاقتنا بهم مع أول زلة أو خطأ. نحن نحتاج إلى زوايا في أعماقنا نحتفظ فيها بإيجابيات رفاقنا، ونعود إليها دائما، وتحديدا في أزماتنا معهم، حتى نستذكر محبتهم ولا ندعهم يغادرون مهما حدث.
المصدر: الاقتصادية