إعلامي وكاتب مصري
لسبب سوف أوضحه حالا، أشعر بأن هناك علاقة من نوع ما، بين نتائج انتخابات برلمان الكويت 2013التي جرت يوم 27 يوليو (تموز) الماضي، وبين سقوط الإخوان في مصر، في 3من يوليو نفسه. ففي ديسمبر، من العام الماضي، كانت الكويت قد شهدت انتخابات برلمانية، أدت إلى فوز 17نائبا شيعيا في مجلس الأمة، من بين 05 نائبا، هم إجمالي عدد نواب البرلمان هناك.
وكان فوز هذا العدد، مفاجئا وقتها، وكان مثار دهشة، ومثار تعليقات كثيرة، وواسعة، وكان مصدر الدهشة، في أساسه، راجعا إلى أن هذا العدد الذي يمثل أكثر من ثلث عدد أعضاء البرلمان، لا يعبر بصدق، عن الواقع كما هو، لأن الشيعة في الدولة الكويتية، الذين هم مواطنون كويتيون كاملو الحقوق والواجبات طبعا، لا يمثلون ثلث عدد سكان الدولة، بل هم، من الناحية العددية المجردة، أقل، وبالتالي، فوجود 17 نائبا عنهم في برلمان البلد، لا يعبر عن الحقيقة القائمة على الأرض.
وبطبيعة الحال، فقد قيل كلام كثير، عن أسباب ذلك، في حينه، وكيف أن دعوات المقاطعة التي أطلقتها قوى المعارضة، قبل الانتخابات، وأثناءها، قد أثرت سلبا، على نسبة الحضور، في دوائر انتخابية بعينها، بما أدى في النهاية، إلى خروج النتيجة في صورتها النهائية، بذلك الشكل غير المتوازن.
وأذكر أنني كتبت في هذه الصحيفة، بعد إعلان النتيجة وقتها على نحو ما جاءت عليه، وقلت ما معناه، إن وجود هذا العدد، من النواب الشيعة في برلمان الكويت، سوف يجعل العين عليهم، طوال الوقت، وأن الرهان هو أن يعلي كل واحد فيهم، ولاءه للوطن كله، كوحدة واحدة، على أي ولاء مذهبي آخر، لأن الوطن، كفكرة، وكأرض، وكحاضن لجميع أبنائه، هو الأبقى من كل ما عداه.
ولا أعرف، على وجه الدقة، كيف جاء أداء النواب الـ17 في خلال سبعة أشهر كانت هي كل عمر البرلمان، لأني لم أتابع ذلك الأداء، عن قرب، ولكن ما أعرفه، أنه ما كادت تمضي هذه الأشهر السبعة، حتى قضت المحكمة الدستورية الكويتية العليا، ببطلان البرلمان، فاستجاب أمير البلاد، الشيخ صباح، لقرار المحكمة، وأصدر مرسوما أميريا بحل البرلمان، وإجراء انتخابات جديدة، كانت هي التي جرت قبل أسبوعين تقريبا.
ولأن الانتخابات تمت في رمضان، ثم في عز حر يوليو، فإن التوقع كان يدور حول ضعف إقبال الناخبين عموما، مع ذلك، فإن الإقبال جاء في حدود 52في المائة، وهي نسبة كبيرة، إذا ما قيست على 38في المائة كانت هي نسبة الحضور، في الانتخابات السابقة، التي جرت في ديسمبر (كانون الأول)، حيث لا صيام، ولا حرارة حارقة للطقس!
ومع ذلك، فليس هذا هو موضوعنا في هذه السطور، لأن الموضوع الحقيقي هو أن نصيب الشيعة، في البرلمان الجديد، قد انخفض من 17 إلى ثمانية نواب، وهي مسألة لا أظن أن لها علاقة بأداء هؤلاء النواب، في برلمانهم السابق، ولا بمدى إقبال الناخبين هذه المرة، أو عدم إقبالهم المرة الماضية، ولا بشيء من هذا القبيل، بقدر ما أن لها علاقة، فيما يبدو، بالحجم الطبيعي للشيعة، بين سائر السكان على الأرض.
وبالطبع، فإنني أتمنى من قلبي، لو أن الحكاية في أثناء الانتخابات، جرت على غير هذا تماما.. بمعنى أنني أحب لو أن الناخب الكويتي، انتخب النائب الأصلح، لمهمته كنائب يراقب أداء الحكومة، ويشرع القوانين للناس، بصرف النظر كليا، عن انتمائه للشيعة أو للسنة، وبمعنى آخر، فإنني أحلم بيوم لا يجد فيه المواطن الكويتي الشيعي، أي مانع، في أن يعطي صوته لمرشح سني، لأنه، أي الناخب، يراه المرشح الأصلح، وكذلك الحال بالنسبة للمواطن الكويتي السني، وأريد أن أكون أكثر صراحة، وأقول إنني أشعر بأسف وألم، حين أتحدث عن مواطن، بوصفه شيعيا، وعن آخر، بوصفه سنيا، لأن المفترض أن الجميع مواطنون، لهم حقوق متساوية، وعليهم واجبات متساوية أيضا، ولأن المفترض أيضا، أن التفرقة بين المواطنين في أي دولة عربية، على أساس الانتماء المذهبي لكل واحد فيهم، إنما هي بدعة يتعين علينا أن ننتبه لخطرها ونتوقف عنها، وأن نتطلع إلى كل مواطن، بكونه مواطنا فقط.. لا أكثر، ولا أقل.
بقي أن أقول، إن برلمان 2013 في الكويت، إذا كان قد عاد بعدد النواب الشيعة، إلى العدد الذي يعبر عن الحجم الطبيعي لناخبيهم، على الأرض، فإن ثورة 30 يونيو (حزيران) في مصر، قد أرادت هي الأخرى أن تقول، بشكل مختلف، إن حجم الإخوان في مصر، لا يؤهلهم لأن يسيطروا على البرلمان، والحكومة، والرئاسة، بل والبلد كله، على نحو ما كان حاصلا طوال عام كارثي من حكم مرسي، وأن عليهم، بالتالي، أن يعودوا إلى حجمهم الطبيعي، باعتبارهم فصيلا سياسيا له حدوده بين المصريين.. لا أكثر كذلك، ولا أقل!
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط