اتهم قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، رسمياً، في بيان أصدره أمس قطر «بتمويل الإرهاب، وتحويل الجاليات في ليبيا إلى خلايا إرهابية».
واتهم حفتر في الخطاب الذي وجهه إلى العسكريين والمدنيين، ونقلته مواقع ليبية، «دولة قطر بتمويل عصابات المرتزقة، والجماعات المتطرفة المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي»، موضحاً أن «قطر حولت جاليات الدول المجاورة إلى ميليشيات إرهابية مقاتلة على الأراضي الليبية، وأن القوات الليبية تراقبهم وسيكون حساب هؤلاء المرتزقة عسيراً من قبل القوات المسلحة الليبية، والأجهزة الأمنية».
كما اتهم حفتر الميليشيات المؤدلجة التابعة للإسلام السياسي والميليشيات الموالية لها، ولبعض القوى الأخرى في طرابلس «بتدمير المؤسسات وممتلكات المواطنين، واستخدام الأسلحة الثقيلة داخل العاصمة دون تقدير للمسؤولية تجاه سلامة وأمن المواطن والاسر والعائلات الآمنة».
وقال حفتر إنه أصدر التعليمات لوحدات القوات المسلحة بالمنطقة الغربية للاستعداد للدفاع عن العاصمة، ومواجهة الإرهاب، وطرده وتدمير قواعده، ومساعدة القوة الوطنية التي تدافع عن أمن العاصمة، و«إعلان النفير في جميع القطاعات، والرئاسات، والوحدات، من أجل الاستعداد للمواجهة وحماية المواطن الضعيف الذي سيدفع الثمن».
يأتي ذلك فيما تشهد ليبيا تطورات سريعة وبنسق متصاعد في الأيام القليلة الماضية، بعد تزايد خسائر ما يُسمى بالإسلام السياسي هناك، والتيارات الإرهابية والمتطرفة، التي قامت ولا تزال تستند على استمرار محور طرابلس الدوحة، لضمان النفوذ وحرية التحرك، للجانب القطري، في مقابل ضخ الأموال والتسليح والدعم الإعلامي للتشكيلات الليبية الإرهابية من قبل الجزيرة، مثلاً وبعض العناوين الإعلامية الأخرى الممولة قطرياً أيضاً، حيث تتواصل الضربات الجوية المصرية التي قال الجيش الوطني الليبي، إنها تندرج ضمن «عمليات عسكرية مشتركة بين القيادتين العسكريتين الليبية، والمصرية في إطار مكافحة الإرهاب والتطرف. وبالنظر إلى التطورات في ليبيا غرباً وفي الخليج شرقاً، لا يُمكن التغاضي عن الربط، أو على الأقل عن صلة ما بين ما يجد في قطر بعد أزمة تصريحات تميم المثيرة للجدل، وبين ما تعيشه طرابلس منذ أيام قليلة بعد قيام تحالفات جديدة، بين فرقاء الأمس، وانفضاض عدد من التشكيلات المسلحة من حول القيادات الإخوانية الليبية الشهيرة، ممثلةً في المفتي المعزول الصادق الغرياني، ونائبه في قطر كما على رأس دار الإفتاء سابقاً، علي الصلابي، وإخوة الأخير الثلاثة المقيمين في قطر، وبريطانيا، وليبيا. وبعد أن فجر الانتحاري الليبي نفسه في حفل مانشستر، تطاير مع أشلائه أيضاً آخر الغطاء الذي كان يستر بعض ملامح الإرهاب الإخواني في لندن، والمدعوم قطرياً منذ 2011، على يد الأمير تميم بن حمد شخصياً، الذي تكفل بمجرد اندلاع الأحداث في ليبيا، وبتكليف من والده الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني شخصياً، بربط الصلة بكبريات القبائل الليبية خاصةً في غرب البلاد، من طرابلس إلى جبال النفوسة على الحدود التونسية الليبية. وفي كتابهما الشهير «قطر: سر الخزانة» الصادر في أواخر 2013 وبداية 2014، كشف الكاتبان والصحافيان الفرنسيان المتخصصان في ملفات المجموعات الإرهابية، والنشاطات السرية كريسيان شينوست، وجورج مالبرونو، الدور الحاسم الذي لعبه الأمير الحالي تميم بن حمد، في استمالة قبائل الغرب الليبي، بعد اندلاع أحداث في بنغازي في فبراير 2011، والأموال الضخمة التي ضختها قطر في جيوب شيوخ القبائل التي لم تكن متحمسة للانقلاب على العقيد القذافي، والإغراءات المالية الكثيرة التي وعد بها الليبيين المترددين إذا خلعوا عهدهم مع القذافي. ورغم الإنكار والتفنيد والتكذيب، إلا أن الأحزاب المنبثقة عن تنظيم الإخوان الليبي، إلى جانب إقامة قيادات التيار الإخواني الليبي الكبار في قطر منذ سنوات طويلة حتى قبل 2011، والإمكانات المالية والعسكرية الضخمة المتاحة للميليشيات الموالية للإخوان، والمتحالفة معهم في ليبيا، وشهرة الشخصيات «الإرهابية» في ليبيا المرتبطة بطريقة أو بأخرى بقطر والدوحة، مثل عبد الحكيم بلحاج زعيم حزب الوطن حالياً والأمير السابق للجماعة المقاتلة في ليبيا، التي تخرج في مدرستها عدد من كبار الإرهابيين الليبيين مثل أبو أنس الليبي القيادي في الجماعة الليبية المقاتلة، ثم القاعدة، وأبو ختالة القيادي السابق في تنظيم أنصار الشريعة الذي حل نفسه قبل يومين. ورغم تمسك قطر بالتفنيد والتشديد على «المؤامرة لتوريط قطر والزج باسمها» إلا أن تفجير مانشستر الأخير كشف عمق الصلات بين الدوحة والرايات السوداء الكثيرة المنتشرة في ليبيا منذ 2011 تحت مسميات كثيرة ومختلفة من الإخوان، إلى الجماعة المقاتلة، إلى حزب الوطن، وحزب البديل، والبرلمان، إلى القاعدة، وداعش، ومجالس شورى الثوار في أكثر من مدينة ومن منطقة.
المصدر: الاتحاد