تودّع السعوديات عامهن بذكريات لن تنسى، اذ حملت لهن أيامه الـ365 بشائر أفضت إلى منحهن حقوقاً كان طال انتظارها: بعضهن نزع آخر ورقة من روزنامة العام المنتهي تحت قبة مجلس الشورى، بعد إنهائه السيطرة الذكورية عليه، وأخريات بتن يجلن في أروقة المحاكم السعودية مرافعات في أنواع القضايا كلها، فضلاً عن مزاولة النساء أعمالهن المعتادة. ودّعت السعوديات «عام السعد» على أمل أن تمسك أيديهن بحرية «مقاود المركبات»، مثلما أمسكت يدا إحداهن المايكروفون كأول مراسلة تلفزيونية سعودية تنقل أحداث الحج… من دون نسيان أول «مرحّلة جويّة» سعودية حازت على رخصتها عام 2013.
«شوراويات»
يعتبر دخول المرأة السعودية مجلس الشورى، ومشاركتها بتمثيل النصف الآخر للمجتمع بـ30 عضوة، وإنهاء الهيمنة الذكورية على التمثيل، الحدث الأبرز على ساحة قضايا المرأة السعودية عام 2013. وهو إنجاز لطالما حلمت به السعوديات. ولم يقتصر حضورهن في المجلس على الطرح والمناقشة، إذ تولين نيابة ثلاث لجان من أصل 13: «الشؤون الثقافية والإعلامية»، «الشؤون الصحية والبيئية»، و»لجنة حقوق الإنسان والعرائض»، في دلالة على التمثيل الفعال لدور المرأة في المجتمع.
تحت «جلباب» المحاماة
ولم يتوقف توسّع مشاركة المرأة السعودية في الشأن العام عند دخولها مجلس الشورى، بل تعداه إلى مزاولتها المحاماة جنباً إلى جنب مع زملائها الذكور في المحاكم، وذلك بعد إصدار رخص مزاولة المهنة لأربع محاميات، ما سمح لهن الإنضمام إلى سجل المحامين الممارسين للمهنة، مع ما يعنيه ذلك من إمكان إفتتاح مكتب محاماة وإستقبال القضايا، والترافع عنها أمام الدوائر والمحاكم الشرعية، إضافة إلى تقديم الإستشارات القانونية.
ويعتبر الترخيص للمحاميات السعوديات مزيداً من الإعتراف بإمكانات المرأة عبر تقدير قدراتها القانونية. ويُدخل المحاميات تحت مظلة وزارة العدل، بعد أن كانت المحامية السعودية تؤدي عملها كوكيلة غير مهنية منذ عقود، ولا يحق لها الترافع إلا في عدد محدود من القضايا، وفي نطاق ضيق.
وقائع الحج بـ»الصوت والصورة»
كان إعداد مراسلة العربية الزميلة جمانة خوجة تقريراً عن دور الكوادر الطبية النسائية في خدمة الحجيج، بمثابة إشارة الإنطلاق لأول مراسلة تلفزيونية سعودية تطل على مشاهديها من المشاعر المقدسة، تنقل فعاليات الحج بمشاركة صحافيين من جميع أنحاء العالم، لتفتح بمشاركتها هذه الباب على مصراعيه لزميلاتها، في نوع جديد من أنواع مشاركة المرأة السعودية الميدانية في الحدث السنوي الأكبر في المملكة والعالم الإسلامي.
«مرحلة جويّة»
وبعد نحو 10 أعوام على توقيع الكابتن طيار هنادي هندي عقد عملٍ كقائدة طائرة لدى إحدى الشركات السعودية، حازت عائشة جعفري أخيراً على رخصتها كأول «مرحّل جوي» من النساء، بعد تجاوزها إختبارات الهيئة العامة للطيران المدني، من ضمن تسع فتيات سعوديات أتممن تدريبهن للحصول على الرخصة.
ويتيح عمل جعفري كمرحل جوي دراسة المعلومات الفنية للرحلة وتجميعها وتجهزيها لكابتن الطائرة قبل الإقلاع.
نواد نسائية
ولم يقف توسع مشاركة المرأة السعودية في الحياة العامة عند دخولها مهناً جديدة، بل تجاوزه إلى الحصول على إذن وزارة الداخلية للترخيص رسمياً بإفتتاح نوادٍ رياضية نسائية على الأراضي السعودية، بعد مضي نحو 50 عاما من مزاولتها الرياضية في المدارس الأهلية السعودية و10 أعوام على الإمتناع عن ترخيص نواد للنساء. ويعتبر الإذن بمثابة إنجاز للجنس اللطيف السعودي تحقق في عام 2013.
الأقوى عربياً… وحلم القيادة
وكانت 15 سعودية بين أقوى مئة شخصية نسائية عربية عام 2013، وجاءت أولهن، لبنى العليان، في المرتبة الثانية عربياً، فيما جاءت أميرة الطويل في المرتبة الثالثة، كأقوى ثاني إمرأة سعودية في القائمة. ولكن، على رغم الإنجازات التي حققتها المرأة السعودية طوال عامها الأبرز 2013، بقيت قيادتها السيارة، ومعضلة التعريف ودخول الملاعب الرياضية، ضمن الأحلام التي تنتظر التحقق.
ولم تبق السعوديات مكتوفات الأيدي خلال العام المنتهي حيال مسألة القيادة، إذ قلما مرّ يوم من دون أن يطالبن بحلها. وأطلق عدد من النساء حملة للمطالبة بالسماح لهن بالإختلاء في مركباتهن على الطرق. وكان لهن تحرك في هذا الإتجاه في 26 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وهو الثالث بعد حملتي عام 1990 وعام 2011، ما أثار ردود أفعال في المجتمع السعودي تراوحت بين التأييد والرفض. ولوضع حد للنقاش حول الأمر كان تدخّل حكومي من خلال وزارة الداخلية التي أكدّ الناطق باسمها اللواء منصور التركي في بيان، «عدم تساهل الجهات الأمنية مع مخالفي قرار منع المرأة من القيادة»، واصفاً ما يثار في شبكات التواصل الإجتماعي، وبعض وسائل الإعلام حول الأمر، خصوصاً الدعوات إلى التجمّع، بأنها «إخلال بالسلم الإجتماعي وفتح باب الفتنة».
دخول الملاعب
وطاول الجدل في شأن مشاركة المرأة مسألة حضورها مباريات كرة القدم في الملاعب السعودية، فيما تضاربت تصريحات مسؤولي الهيئة العامة للرعاية والشباب في شأن كأس osn ، الذي أجريت فعالياتها في الرياض. وكانت صور أظهرت حضور نساء من الجاليات المقيمة في المملكة أحيت الجدل حول دخول المرأة الملاعب في السعودية. لكن الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل ما لبث أن نفى صدور أي قرار بالسماح للنساء بدخول الملاعب الرياضية.
وعلى خط موازٍ، بقي موضوع «معرف المرأة» من دون أي تغيير، على رغم النجاحات التي حققتها المرأة السعودية في 2013، من دون أي تغيير، ليضاف ربما إلى روزنامة مطالب النساء خلال العام الطالع.
المصدر: جدة – سلطان بن بندر – صحيفة الحياة