كاتب إماراتي
أثناء الدراسة الجامعية، ابتلينا بأستاذ جامعي ينفر منه معظم الطلبة، يتعامل مع الجميع بأسلوب جاف، يعتقد أن شخصية الأستاذ يجب أن تكون حازمة، لم نسمعه يوماً يلطف الجو بكلمات خفيفة، يكسر بها الكآبة في محاضراته، التي كانت تمتد لساعتين بالتمام والكمال.
حتى في المرات القليلة التي كان يتحدث فيها، فإنه يتحدث عن نفسه وإنجازاته وتفوقه، ولا شيء آخر، يشعرك بأنه «فلتة» زمانه، والعبقري الذي ستستفيد البشرية من نظرياته العلمية.
عندما يكون لدينا امتحان، فإنه يُلقي بالرعب في نفوسنا، يأتي بأسئلة اختبارات عجيبة، لم نرَ مثلها قط، يرفض أن نطرح الاستفسارات عن الأسئلة التي تثير الجنون، وترفع الضغط، وتربك الطلبة، ويجلس منزوياً يوزع نظراته على الطلبة، حتى لا يغش أحدهم من الآخر.
يبتسم أربع مرات فقط في الفصل الواحد، يكون ذلك في الامتحانات الأربعة، وبينها منتصف الفصل والنهائي، يبتسم أكثر كلما لاحظ الشكاوى من صعوبة الامتحان، نشعر حينها بأن صعوبة الامتحان تعطيه سعادة لا مثيل لها، كأنه يتلذذ بمشاهدة المعاناة على وجوه الطلبة، وكلما زادت صعوبة الامتحان نجد أنه أكثر سعادة وابتساماً، محققاً نصراً مؤزراً في حربه ضد الطلبة.
مرت الأيام، وتقدم الأستاذ الجامعي لوظيفة مرموقة في جهة خاصة شبه حكومية معروفة، الوظيفة مغرية، والراتب يعادل ثلاثة أضعاف راتبه من الجامعة، والبدلات الأخرى لا تقل إغراءً عن الراتب نفسه، كان من شروط الوظيفة أداء امتحان القبول لقياس قدرات المتقدمين للوظيفة.
حضر الأستاذ في اليوم والوقت المحددين لأداء امتحان القبول، دخل القاعة نافشاً ريشه، مزهواً بنفسه، واثقاً بقدراته الشخصية، لاسيما أنه يحمل شهادة الدكتوراه منذ سنوات طويلة، ولديه خبرات في التعليم الأكاديمي تعدت 22 عاماً.
تسلّم ورقة الامتحان، وبدأ يتفحص الأسئلة، كان يبدو عليه الارتباك كلما انتقل من سؤال إلى آخر، ومن صفحة إلى أخرى، مرت أكثر من ساعة، والموقف متأزم بالنسبة للأستاذ، الذي وجد نفسه في حالة يرثى لها، كيف لا يستطيع أن يحل الأسئلة، وهو الأستاذ الجامعي المعروف.
بعد أكثر من ساعة دخل أحد المديرين التنفيذيين، نظر الأستاذ الجامعي، ودقق في ملامح المدير، لقد كان المدير في يوم ما طالباً في فصله، حاول التركيز في الورقة، لكن ابتسامة المدير ظلت تطارده على ورقة الامتحان الصعب، هذه اللحظة كسرت غروره وغطرسته، وجعلته يخرج منكسراً تماماً، كما كان يفعل بالطلبة!
المصدر: الإمارات اليوم