باحث إماراتي
20 يوليو (تموز) هو الموعد النهائي للاتفاق المؤقت بين إيران و«5+1»، فإما الوصول إلى اتفاق شامل أو الانتقال إلى فترة ثانية تمتد لستة أشهر أخرى.
فكيف يمكن توقع ما ستؤول له الأمور؟
نسير مع القارئ في حوار افتراضي يدور داخل تلك المباحثات، يرتكز على العناصر التي بيدها مفاتيح حلحلة الموضوع، ونتحدث تحديدا هنا عن أميركا وإيران.
كيري يصافح ظريف بحضور كاثرين أشتون. «ماذا لدينا هنا سيدة كاثرين؟» يتساءل وزير الخارجية الأميركي. كاثرين أشتون: «دعوتك وبقية وزراء خارجية (5+1) تأتي لدفع المفاوضات وإحداث انفراجة في الموقف الحالي، فهناك العديد من العقبات». كيري مبتسما: «لا مشكلة في ذلك فكبير المفاوضين الإيرانيين قال إن مسودة الاتفاق الشامل اكتملت بنسبة 60 إلى 70 في المائة، ولم يتبق سوى نسبة قليلة نستطيع حلها، أليس كذلك سيد ظريف؟». يجيب وزير الخارجية الإيراني: «صحيح، فلا مشكلة في ذلك، فمطالبنا التي تقدمنا بها تأتي ضمن الأطر المشروعة». كاثرين آشتون: «رائع، يبدو أن الأمور ستسير بسلاسة».
تُعرض مسودة الاتفاق الشامل بين إيران و«5+1»، وإذا «ما بين الأقواس» يملأ تلك المسودة. تنظر أشتون إلى تعابير وجه كيري التي تلاشت معها نظرة التفاؤل. بعد نفس عميق يقول كيري: «يبدو أن نسبة الـ30 في المائة المتبقية أكثر ثقلا وقيمة عن نسبة الـ70 في المائة التي تحدث عنها عراقجي».
الهدوء يخيّم على الطاولة المستديرة. صوت قادم من الصين يطالب بأن يبدي الطرفان مرونة في المفاوضات. تكسر أشتون ذلك الصمت مطالبة بالنظر إلى «ما بين الأقواس» والتباحث فيه.
يتساءل القارئ عن عبارة «ما بين الأقواس». مع بداية كتابة مسودة الاتفاق الشامل تخللها بعض القضايا التي لم تُحل، ولذا ارتأى المفاوضون وضع القضايا العالقة بين قوسين والعودة لها لاحقا لمحاولة حلها، وبالتالي رفع تلك الأقواس.
ها هو كيري قد وصل ومعه وزير الخارجية الفرنسي ونظيره البريطاني، وبالتالي ستُدفع الأمور باتجاه رفع جميع تلك الأقواس.
نعود من جديد إلى ذلك الحوار الافتراضي. أشتون: «القضية الأولى التي وضعت بين قوسين هي (تخصيب اليورانيوم)». كيري: «لماذا وضعت بين قوسين؟.. الأمور واضحة بالنسبة لنا، إيران لا تحتاج إلى كميات كبيرة من تخصيب اليورانيوم، فما لديها والذي يقارب 6000 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 5 في المائة يكفيها، ناهيك عن أن لديها عقدا مع روسيا حتى 2021 لمد مفاعل بوشهر بما يحتاجه من الوقود النووي. وبالتالي هي ليست في حاجة إلى أعداد أجهزة الطرد المركزي التي بحوزتها الآن ويتوجب تقليصها». ينتهي هنا كيري من مداخلته لتنتقل الأنظار إلى وزير الخارجية الإيراني. ظريف كعادته مبتسما: «سيد كيري، دعني أذكرك بأن المرشد علي خامنئي قال إن إيران تحتاج إلى 190 ألف جهاز طرد مركزي من نوع (IR1) للحصول على 190 ألف (وحدة سو) أو (SEPARATIVE WORK UNIT)، وأنت تعلم جيدا كيف يتوجب عدم الخروج عن إطار هذا التصريح. نحن نحتاج إلى التخصيب، لأننا لدينا خطط بتوسعة منشآتنا النووية، وهو ما يتطلب وقودا لهذه المفاعلات». كيري مقاطعا ظريف: «سيد ظريف ما تقدمت به لن يتحقق بين عشية وضحاها، فهذا الأمر يحتاج إلى سنوات عدة، وبالتالي فإن إيران لا تحتاج في الوقت الراهن إلى هذا العدد من أجهزة الطرد المركزي. استمراركم وإصراركم على ذلك يولد معه شكوكا حول النوايا الحقيقية لتوجهاتكم».
ظريف: «لا أستطيع أن أجزم، لكن من الممكن الموافقة على تخفيض عدد أجهزة الطرد المركزي، ولكن لن نقبل على الإطلاق بتخفيض العدد وفق رؤيتكم، على أن يحق لإيران لاحقا زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي وفق حاجتها».
أشتون: «ما رأيكما أن نتحدث عن أمر آخر وهو التفتيش؟». ظريف: «هذا الأمر إيران ملتزمة به، ووفق المتعارف عليه، وبشرط ألا يتجاوز ذلك التفتيش ليصل إلى مواقع عسكرية». كيري: «لكن يا سيد ظريف قراءتنا لمواقع مثل موقع (بارشين) على أنه موقع نووي، وأنتم ترونه موقعا عسكريا». ظريف: «ونحن مصرون على ذلك، نحن لا نعلم لماذا هذا التخوف من جهتكم، هناك فتوى من المرشد بتحريم السلاح النووي». يرد كيري على ذلك: «الفتوى مقبولة لدينا ونأخذها بعين الاعتبار، لكن هذه الفتوى قد تُفرغها من محتواها فتوى أخرى من المرشد، ولذا يتوجب تحويل هذه الفتوى إلى أمر ملموس تتحول بموجبه إلى أمر لا بد أن تتقيد به إيران تحت أي ظرف كان».
بعد هدوء لبرهة من الزمن ظريف يكسر الصمت «إن المطالب المبالغ فيها وغير المنطقية ستنسف هذه المباحثات، وبالتالي ستعود إيران إلى ما كانت عليه وستستأنف التخصيب». كيري: «وبذلك تكون تجاوزت الخطوط الحمراء لتفرض عليها من جديد عقوبات مشددة، ناهيك عن أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة».
«ها نحن نعود إلى الأسطوانة المشروخة»، ظريف يحدث نفسه وتأبى تعابير وجهه إلا أن تبرز ابتسامة يدرك كيري فحواها. تستدرك أشتون الموقف قائلة: «جميعنا نعلم أن وجودنا هنا يأتي من خلال رغبة صادقة من جميع الأطراف للوصول إلى حل عادل للبرنامج النووي الإيراني». إيماءات إيجابية تبدو على كيري وظريف.
يأتي الصوت الصيني قائلا: «لا شك أن هذه المباحثات تحتاج إلى مزيد من الوقت، فلننتقل إلى مدة الستة شهور الأخرى، وربما نصل إلى حل شامل حتى قبل ذلك الأمر».
يتصافح كيري وظريف. أشتون تقول: «هل نعلن عن تمديد فترة المباحثات؟». ينظر ظريف وكيري إلى التاريخ. كلاهما في آن واحد: «لسنا في عجلة، فلعل الطرف الآخر يغير رأيه في اللحظة الأخيرة».
وتبقى القضايا عالقة حتى الوصول إلى مقاربات بين الطرفين، فإيران تحتاج إلى هذا الاتفاق للتخلص من العقوبات الاقتصادية التي أتعبت كاهل المواطن الإيراني، والإدارة الأميركية تعول على هذه المباحثات للوصول إلى اتفاق وتحقيق نجاح في ظل تخبط في ملفات أخرى.
المصدر: الشرق الأوسط
http://aawsat.com/home/article/140621