كاتب إماراتي
يستحق برنامج «الصدمة» أن يكون أحد أفضل البرامج التي تم عرضها في الشهر الكريم، لما فيه من مواقف صادمة تسعى إلى تحريك مشاعرنا الإنسانية التي تبلدت لدرجة أصبحنا نغض النظر عن أغلب التصرفات الهمجية والحيوانية التي تحدث من حولنا، نكتفي فيها بدور لا أرى ولا أسمع ولا أتكلم ولا أدري ولا يخصني طالما أن الموضوع لا يمسنى من قريب أو بعيد!
كانت أكثر الحلقات تفاعلاً من المشاهدين تلك التي تم تصويرها في العراق رغم أن حلقات البرنامج تم تصويرها في أكثر من بلد عربي، في كل حلقة تم تصويرها شاهدنا ردات الفعل غير المتوقعة من خلال الموقف الذي تم افتعاله لإثارة مشاعر المتواجدين في المكان نفسه، فلم تثر المتواجدين فحسب إنما أثارت المشاهدين الذين بكوا وتأثروا بهذه المواقف رغم علمهم بأنها مشاهد تمثيلية مفتعلة.
تدخُّل المواطنين العراقيين في تلك المواقف لم يكن حسب العرق والطائفة، بل جاء ليثبت أن النخوة والشهامة والإنسانية متأصلة في هذا الشعب، كنت أعتقد على ضوء ما أراه من جرائم القتل الطائفية والميليشيات المسلحة والعنصرية أنّ الإنسانية قد ولّت إلى غير رجعة، توهمت أن كل عراقي قد تحول إلى إنسان سلبي لا يعنيه شيء في هذه الدنيا سوى حياته وحياة أهله ومصلحته الشخصية.
في هذا العالم يحتاج كل واحد منا إلى الآخر، نتعاطف مع بعضنا بعضاً، ليس بالضرورة مع من نعرفهم فقط بل حتى مع الغرباء الذين لا نعرفهم ويعيشون بيننا، يقول المناضل الراحل نيلسون مانديلا: «التعاطف الإنساني يربطنا ببعضنا بعضاً، ليس بالشفقة أو بالتسامح، ولكن كبشر يجب أن نتعلم كيفية تحويل المعاناة المشتركة إلى أمل للمستقبل».
حقيقةً رغم كل ما يحدث من حولنا، ورغم أطنان المشاعر السلبية التي تفتك بهذا العالم من حروب ودمار وعنصرية وجرائم، لا أزال متفائلاً باليوم الذي سينتهي فيه كل هذا، نتشبث بالأمل ونسعى لأن نرتقي بإنسانيتنا وأعمالنا، يجب ألا نفقد الرغبة في تحويل هذا العالم إلى عالم أفضل، يقول المهاتما غاندي: «يجب ألا تفقدوا الأمل في الإنسانية، إن الإنسانية محيط، وإذا ما كانت بضع قطرات من المحيط قذرة فلا يصبح المحيط بأكمله قذراً».
المصدر: الإمارات اليوم