كاتب إماراتي
كنت مستغرباً جداً، كيف لهذه القامة العلمية، ألا يرى بوضوح بأن السيكل
الـBMX الجديد هو الأفضل؟
جميع هذه التحديثات المخيفة، مكانٌ خاص لوضع زجاجة الماء، إضاءة خلفية وأمامية لتنبيه قائدي المركبات، جرس برنة مميزة، فرامل تلقائية عند القيام بحركة الريوس، هيكل خفيف يسمح بالقيام بحركة دائرة الفرجال المزدوجة بسهولة، الأحرف الثلاثة للاسم التجاري مكتوبة بشكل جميل وبألوان فسفورية، تضمن نيل زعامة السياكل في الفريج لمدة شهرين على الأقل.
كيف لا يرى كل هذا ويصر على إقناعي بسيكل الباتان المستعمل لمجرد أنّ فيه «كرسياً إضافياً»؟! وهو يعلم أنني لا أسمح لأحد بأن يجلس خلفي! منقودة في الفريج!
استمر الحوار مدة طويلة، هو يحاول إقناعي، وأنا أستغرب لوضع الموضوع على الطاولة للنقاش أصلاً، كان وضعي في المباحثات هو الأقوى، فبفضل تكنيكٍ معين للتعاون والتآزر بين الطلبة أثناء الامتحانات كان لدي من كوبونات التفوق ما يؤهلني لاستبدالها بما أختاره! هكذا كان الاتفاق! وحدها نظرة معينة في عينيه أثناء الحوار لم أفهما إلا بعد سنين طويلة!
الأولوية كانت لأمور أهم كتلك «الديوانية» في منزلنا التي لم تخلُ من ضيوف قط إلا حين خلت من صاحبها تشي بنمط حياة ذلك الجيل، هو جيلٌ عاش من أجل غيره ولم يتململ قط! طقوس شبه يومية معتادة، تقوم من نومك المراهقي الثقيل وأنت تطلق صرخة الحرب على هيئة تثاؤب، لتجد المنزل كله فوق رأسك وهو يقول بصوت خفيض: لدينا ضيوف! فتعلم أنه يوم آخر من المتعة، حين يبيت في المنزل ضيوف، فالأمر يعني أفضل أصناف الطعام، وأجود أساليب الكلام، لا وجود اليوم للنظريات التربوية المعتمدة على الكف المفاجئ أو النُعل الطيارة، أو العقال متعدد الاستخدام، من إكرام الضيف أن تشعره بأنه يعيش في كنف عائلة طبيعية! تعودنا ألا ندوس على أي مخدة في المجلس في طريقنا لإجابة نداء الطبيعة، لأن احتمالية أن تقول المخدة آه في إشارة لكونها وافداً جديداً هو أمر روتيني.
ذلك الجيل الطيب الذي مضى نادر التكرار حين يأتي الحديث عن المادة، فهي أولاً من الأمور التي تعيب الرجل ومروءته إن تحدث عنها، وكان كل شيء لديهم مقدماً على ما يأتي ويذهب بحسب تعبيراتهم المؤمنة، رغم أن الحياة علمتنا أن ما يذهب لا يأتي! تماماً كما ذهب السيكل!
يكرهون الدّين كما يكرهون إبليس لأن الذمة لديهم هي أهم ما يغادرون به، أن يغادروا وذمتهم بريئة من أي شيء، وهي مقدمة لديهم على الطموح أو الإنجاز أو التملك ذاته، إن لم يكن لديه فلا داعي لأن يأخذ من الأساس، كم ضغطنا على بساطتهم كي يسعدونا! فهل نوفي؟
المصدر: الإمارات اليوم