لم يمنعها دخولها العقد السادس من عمرها أن تبدأ مسيرة طلب العلم مرافقة أصغر أبنائها العشرة حين دخل رياض الأطفال، يحدوها الأمل بأن تتمكن يوماً من قراءة كتاب الله عز وجل والتفكّر في آياته، وبالإصرار والثبات نالت الوالدة خديجة راشد سليمان من دبا الفجيرة ما تمنّت وقهرت الأمية حتى وصلت إلى الصف السادس، فأصبح القرآن أنيسها وحصلت على شرف طالب العلم، فاستحقت التكريم في جائزة حمدان التعليمية بفئة أكبر دارسة سناً.
تروي خديجة قصتها فتقول، إنها من مواليد 1963، وإن التمكن من القراءة والكتابة كان هاجسها الدائم وهي التي حرمت منه أول عمرها بسبب الظروف المعيشية والأسرية وتقاليد المجتمع فلم تنل حظها من التعليم في الصغر، ورغم أنها بدأت رحلة طلب العلم بعد أن أنجبت عشرة من الأبناء، وأصبحت جدّة لخمسة أحفاد، إلا أنها تؤكد أن الوقت لم يتأخر أبداً على كل من تذكر كلمة «اقرأ».. أول هدي السماء إلى الأرض، مشيرة بكل اعتزاز إلى الدعم الكبير الذي حظيت به من زوجها وأبنائها.
إعجاب شديد
بإعجاب شديد كانت تنظر خديجة إلى أبنائها المتعلمين وتتمنى لو كانت هي الأخرى تمسك بكتاب الله تعالى وتقرأ آياته، ورغم الحسرة التي كانت تطوف بها أحياناً إلا أنها كانت ترى في كل مرحلة دراسية ينتقل إليها أحد أبنائها انتصاراً لها في مجال العلم لأنها هي من أوصلتهم إلى هذا حتى جاء دور آخر ابنة لها، ودخلت معها المدرسة.
وروت خديجة قصتها وقالت إنها أصرّت بعد أن قلّت مسؤولياتها الأسرية ودورها كأم ومربية بحكم كبر أبنائها، فالتحقت بالتعليم حين دخلت ابنتها الروضة الأولى، ومعها فتحت لنفسها صفحة تعليم جديدة، وأصرّت على طلب العلم بدأب المجدّين وحرص المشتاقين للمعرفة حتى وصلت إلى الصف السادس المسائي، فدرست في مركز دبا الفجيرة لتعليم الكبار في الفجيرة، وشجعتها مديرة المركز، ابتسام أحمد جابر، وجميع معلماتها على تبني العلم والمعرفة، وكسرت مقولة إن العلم في الصغر كالنقش على الحجر والعلم في الكبر كالنقش على الماء، فهي الآن تقرأ كتاب الله عز وجل كما تمنت بل وتعلمه لأحفادها، عملاً بحديث رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ : «خيركم من تعلّم القرآن وعلمه».
الوالدة خديجة حصلت على جائزة حمدان التعليمية في دورتها الثامنة عشرة بفئة أكبر دارسة سناً، وشعرت بالفخر والاعتزاز لمشاركتها في هذه الجائزة، حيث منحتها المزيد من الثقة، والفخر بأن دولتنا تثبت للعالم أنها تشجع الجميع على الالتحاق بالتعليم.
وتقدمت خديجة بالشكر إلى راعي الجائزة سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم على ما يقدمه من دعم لتطوير عجلة التميز التعليمي من خلال المنافسة والتشجيع على إبراز أجيال تحمل معها شعار التميز.
المصدر: البيان