كاتب إماراتي
قالت لي وصوتها يرتجف من الغضب: «دمرت سمعتي، سويتني مضحكة للي يسوى واللي ما يسوى، خربت برستيجي!»، وأغلقت الهاتف، وكانت تلك آخر مرة أسمع فيها صوتها.
كل ما في الأمر كان دعابة اجتماعية، ونوعاً من التعبير عن الاحتجاج بطريقة حضارية، فجأة امتلأ «فريجنا» بأصناف ما يعرف بالجنسيات «المعفية من تأشيرات الدخول»، وهي الجنسيات التي قامت صحيفتنا بنشر تقرير قبل فترة، يؤكد أنهم يحصلون على أعلى «سلم رواتب» وامتيازات في الدولة، ويمتازون بجمال القوام، والمحافظة على فضيلة الجري الصباحي حول الحديقة بشكل يومي (النقطة الأخيرة ليست في تقرير الصحيفة)، وبالطبع يربّون بعض الحيوانات التي يصفونها بالأليفة، بينما تؤكد دراسات علم الأحياء، أن عضة بعضها تبلغ قوتها 2500 كيلوغرام للسنتيمتر المربع الواحد، بمعنى أن الأذى الذي ستحدثه في بشرتك المخملية يبلغ الأذى ذاته الذي يسببه وضع طنين ونصف الطن من الحديد بتركيز نقطة ثقله على سنتيمتر مربع واحد في جسدك، «سؤال في برنامج مسابقات سخيف آخر: وإذا وضعنا طنين ونصف الطن من القطن؟!»، المهم أن أذى تلك الحيوانات، والرعب الذي يمتلكنا في الطريق من وإلى المسجد أو الحديقة أو «الدوبي» كان كبيراً، خصوصاً مع منظرها المقزز، حين ترفع ساقاً إلى الجانب على طريقة ركلة الكونغ فو، و«تعبر عن شعورها»!
البلدية لديها قوانين تشترط حصول الإزعاج كي تتخذ قراراً، بينما قوم بوعرب متعودون على أن جحا قد ضرب ابنته قبل أن تكسر الفناجين، ولهذا فمازالت فناجين ابنة جحا سليمة حتماً في مكان ما!
عودة إلى طريقة احتجاجي، التي اعتقدت أنها «ظريفة» وحضارية، وفيها طابع محلي، حيث قمت بإحضار «صخلة» من العزبة، وربطتها بطريقتهم نفسها، ومشيت معها في الفريج، ما جعل الخبر ينتشر، وقضية «البرستيج» المذكورة، قطعت علاقتي بها إلى الأبد، (خطيبتي وليست الصخلة بالطبع)!
بسبب «البرستيج» أنت لا تذهب إلى مطاعمك المفضلة، بل تذهب إلى تلك التي تعطيك هراء، على غرار «طبق البط بالعسل وأعشاب الجينسينغ». بسبب «البرستيج» أنت لا تمارس ألعابك الرياضية التي تعشقها، وتكتفي بلعب دور الخبير أمام شاشة تلفاز راقٍ. بسبب «البرستيج» أنت لا تستطيع ممارسة لهو الأصدقاء، الذي يمارسه أخوتنا «الباتان» مع بعضهم. بسبب «البرستيج» أنت لا تستطيع أن تضحك من قلبك، وتكتفي بابتسامة من طرف الفم «أونك ليث». بسبب «البرستيج» أنت تترك مقهاك الشعبي وزملاءك وربما فريجك كله. بسبب «البرستيج» أغرقتك ديون السيارة والمنزل. بسبب «البرستيج» تراقب نفسك خوفاً في كل دقيقة، خشية التعرض لكرفصة في الكندورة، أو انبعاج في الغترة أو انفتاح في العقال.
يا سيدة الماضي الأبله، اذهبي إلى الجحيم، أنت و«برستيجي»، واتركيني مع صخلتي، ومع «البراتا» اللذيذة، ومع وزاري الظاهر من الأسفل، ومع أصدقائي الذين يضحكونني دون أن أخشى على سمعتي، ومع مقهاي الذي تبلغ فاتورته في الشهر ربع مبلغ طلاء أظافرك «الليدي جاجاوية»، لي حياتي، ولك «برستيجك»، وهما طريقان لا يلتقيان!
حد عنده رقم خطابة ما تاخذ الفلوس مقدم؟!
المصدر: الإمارات اليوم