رئيس تحرير صحيفة الرؤية
استيقظ العالم بالأمس، على حدث تاريخي كبير، وهو خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بعد استفتاء شعبي مثير، شارك فيه أكثر من ثلاثة وثلاثين مليون بريطاني، وكانت نسبة المؤيدين للخروج 51.9% مقابل 48.1% لاستمرار بقائها فيه.
هذا الخروج من الاتحاد الأوروبي بلا شك من أكبر الهزات التي يمر بها الاتحاد منذ قيامه قبل 66 عاماً، فحتى الساعات الأخيرة للاستفتاء ليلة الجمعة، كانت نسبة المؤيدين للبقاء هي الأكبر إلى أن انقلبت النتيجة إلى العكس في آخر ساعتين تقريباً.
فوجئ العالم وربما صدم لهذا الحدث، لكنه وقف احتراماً لقرار وإرادة شعب المملكة المتحدة الذي فضل خلع عباءة الاتحاد الأوروبي، وبقاء الجزيرة البريطانية مستقلة عن أي كيان جغرافي، أو سياسي، لتنقسم أوروبا من جديد إلى الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، الأمر الذي أثار «حماس» أحزاب اليمين للانفصال في دول أوروبية أخرى، مثل فرنسا، وهولندا، وإيطاليا، والنمسا، والدنمارك، والسويد.
وهذا يعني أن عدوى الانفصال قد تنتقل إلى دول أخرى، وأن الاتحاد الأوروبي سيواجه خطر التفكك والضعف وربما الاندثار، وهذا ما جعل البعض يعتبر المملكة المتحدة أول الناجين من انهيار الاتحاد الأوروبي.
دول العالم استقبلت مفاجأة الخروج بإعلان احترامها للقرار الشعبي، ففي الإمارات قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في تغريدة له بالأمس: «نؤكد احترامنا لخيارات الشعب البريطاني تجاه علاقته مع الاتحاد الأوروبي، ونؤكد التزامنا بتطوير علاقاتنا التاريخية القوية، سياسياً واقتصادياً مع المملكة المتحدة، والتي استمرت تنمو بقوة على مدار العقود الأربعة الماضية».
الرئيس الأميركي باراك أوباما قال: نحن نحترم قرار شعب المملكة المتحدة الذي قال كلمته، أما مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة دونالد ترامب، فقد اعتبر «خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أمراً رائعاً» واعتبر زعيم حزب استقلال المملكة المتحدة المناهض، نايجل فاراج، أن هذا يوم استقلال المملكة المتحدة وقال: «أنا أجرؤ الآن على أن أحلم بأن الفجر مقبل على مملكة متحدة مستقلة.. 23 يونيو سيسجل في التاريخ على أنه يوم استقلالنا».
في مقابل هذه المواقف الدولية، هناك أصوات داخل الاتحاد الأوروبي كشفت عن قلقها تجاه هذا الحدث، وبدأت تطالب بإجراء إصلاحات في الاتحاد، فهذا ما طالب به رئيس الوزراء الإسباني بعد تأييد البريطانيين لخروج بلدهم من الاتحاد، وهو ما ذهب إليه رئيس وزراء السويد الذي قال «إن نتيجة الاستفتاء نداء لاستيقاظ التكتل الذي بات عليه أن يظهر للدول الأعضاء أنه قادر على تلبية توقعات شعوبه».
الإسكتلنديون والإيرلنديون واللندنيون أيضاً يريدون البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي، والكثيرون غير متفائلين بخروج المملكة المتحدة من الاتحاد، والسؤال المهم هو هل بدأ العالم يتجه إلى اليمين أكثر؟
المصدر: الإتحاد