يُعتبر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هزيمة لبريطانيا وأوروبا والاقتصاد العالمي. وقد صوّت ملايين من البريطانيين لعزلة بلدهم عن الآخرين، وليس إلى التعاون مع الدول الأخرى. وخسر الاتحاد الأوروبي نحو 17% من اقتصاده، أي ما يعادل خروج فلوريدا وكاليفورنيا من الولايات المتحدة. وأما أثر ذلك في الاقتصاد البريطاني فربما يكون كارثياً، في حين أن الموقف الأوروبي الموحد ضد روسيا سينهار.
وإضافة إلى ما سبق، فإن التصويت لا يعني أن الجدل بشأن علاقة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي أو مكانتها في العالم أجمع، قد تم حله. وإنما يعني أنه يتعين على السياسيين البريطانيين جميعاً التيقظ جيداً، إذ إن السياسيين والحكومات على جانبي الأطلسي يواجهون الفشل.
ويبدو أنها لحظة خوف عالمية، إذ إن الهوية الديمقراطية لكل من بريطانيا والولايات المتحدة في حالة خطر، ليس من المهاجرين أو حتى تغيّر القيم، وإنما من القوميين الذين يعانون الخوف من الأجانب الذين يستغلون قلق المواطنين من المشروعات الشعبوية، بما فيها حملة المرشح الجمهوري دونالد ترامب للرئاسة الأميركية، وكذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ويرى الكثير من المصوتين أن العالم بات مخيفاً، وأن الإرهابيين يتربصون بهم الدوائر، وأن القلق وانعدام اليقين يحيط بهم من كل صوب، ولهذا فإن السياسيين من مشارب مختلفة يستغلون مخاوف الناخبين كي يؤججوهم ضد التجارة والهجرة والتعاون الدولي.
ويتفق خبراء الاقتصاد وأصحاب الأعمال والعلماء في شتى أنحاء العالم على أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو خطأ اقتصادي جنته بريطانيا على نفسها، إذ إن الركود سينتشر كما أن مركز لندن كمركز مالي عالمي سيهتز، وبالطبع فإن قيمة الجنيه الاسترليني ستنخفض. وتشير تقديرات وزارة المالية البريطانية الى أن كل عائلة بريطانية ستخسر ما بين 4300 و7000 جنيه.
وكان المثال الأبرز الذي أسهم في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هم المواطنون العاطلون عن العمل من الطبقة العاملة في شمال بريطانيا الذين شعروا بالتضامن مع ناخبي ترامب في أميركا، ولديهم السبب للشعور بأنهم ضحايا الاقتصاد العالمي، وأن سبب مشكلتهم هي الهجرة غير المنظمة والحكومات غير المتجاوبة في واشنطن وبروكسل، ولذلك قرروا أن الرد الأمثل لوضعهم هو الانفصال.
المصدر: الإمارات اليوم