لم يحمل خطاب أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني أمس أي جديد بشأن الأزمة التي تسببت بها قطر في المنطقة وأثارت الكلمة خيبة أمل واسعة بين مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى الأخص بين المواطنين والمقيمين في قطر الذين كانوا يأملون أن تتضمن الكلمة ما يشير إلى تخلي تنظيم الحمدين عن نهجه المؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة والذي قاد الدول الداعية لمكافحة الإرهاب إلى مقاطعة قطر.
وقد واصل تميم في كلمته نهج المراوغة والمظلومية من خلال التستر بمقولات «السيادة» و«حرية التعبير» والزعم بأن بلاده لا تدعم الإرهاب، مناقضاً بذلك الأدلة والوثائق والوقائع والإدانات الاقليمية والدولية التي تثبت دعم الدوحة للإرهاب ورعايتها خطاب الكراهية.
وزعم تميم في كلمته أن الإجراءات التي اتخذتها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تلحق الضرر بالحرب على الإرهاب، فيما تشير الوقائع أن التنظيمات الإرهابية تلقت ضربات كبيرة منذ المقاطعة، في ليبيا والعراق وسوريا ومصر. وتراوحت نبرة تميم في كلمته بين التحدي والمراوغة.
ففيما زعم أن إجراءات الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تم التخطيط لها مسبقاً، عاد ليقول بأن الخلافات لا تفسد للود قضية، متجاهلاً أن الإجراءات تأتي للرد على التهديدات الإرهابية التي ترعاها قطر. فيما مقولة أن الخلافات لا تفسد للود قضية، فإن الدعم القطري للإرهاب أدى إلى إزهاق أرواح المئات من مدنيين وعسكريين، بمن فيهم جنود من القوات المسلحة الإماراتية العاملة في اليمن.
وحمل خطاب تميم ثغرات كبيرة، وهشاشة في تفسير المفاهيم. فحين ذكر جهود بلاده المزعومة في محاربة الإرهاب، ربط تميم الإرهاب بأنه الاعتداء على المدنيين دون أن يذكر قوات الأمن والجيش أيضاً التي تتعرض في العديد من الدول لهجمات إرهابية، كما في مصر وليبيا واليمن.
وتباهى تميم في كلمته بما أسماه «الثورة الإعلامية»، قاصداً بذلك «قناة الجزيرة» والأبواق الإعلامية التي تقوم بتبرير الإرهاب وتوفر منصة للمتطرفين للظهور الإعلامي وتوجيه رسائلهم التحريضية عبرها. وبينما تعد الصيغة التي يعمل وفقها الإعلام الممول من قطر متنفساً للتنظيمات الإرهابية، فإن تميم اعتبرها إنجازاً للشعوب العربية.
وحول رؤيته لحل الأزمة، وضع تميم شرطين، الأول احترام السيادة، والثاني عدم وضع الإملاءات على قطر. والواقع أن الشرط الأول، السيادة، لم يخرقه أحد غير قطر نفسها عبر استقدام القوات الأجنبية، وفتح الباب أمام إيران.
أما الشرط الثاني الذي وضعه أمير قطر، وهو أن لا تأتي المطالب في صيغة إملاءات، فإن الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب لها عدة تجارب في نهج الهروب والمراوغة القطرية، من بينها اتفاقية الرياض عام 2013 والاتفاقية التكميلية عام 2014، وفي المرتين تهربت قطر من تنفيذ ما تعهدت به ووقعت عليه.
بالتالي، فإن صيغة مطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب هي إعادة لتعهدات لم تقم الدوحة بتنفيذها قبل سنوات.
ووجه تميم الشكر بشكل ضمني لإيران، وقال إنه يوجه الشكر لكل من فتح أجواءه أمام قطر.
المصدر: البيان