كاتبة سعودية
المسؤول الذي لا يستفيد من تجارب الأمس يمكن تصنيفه بأنه خارج دائرة المسؤولية، ربما تتذكرون جميعا ما حدث في حرب الخليج الثانية المعروفة بحرب تحرير الكويت من غزو العراق الغاشم الذي حدث عام 1990، خلال تلك الأزمة نعرف جيدا أن عددا كبيرا من الوافدين الذين كانوا يعملون في السعودية قرروا العودة إلى بلادهم خوفا على حياتهم من الحرب. أهم تلك الوظائف التي تعتبر ذات أهمية كبيرة جدا وحيوية في مثل هذه الأزمات والكوارث هي الوظائف الصحية، وخاصة الفنيين والتمريض، فهم يقدمون العناية الصحية في الحالات الإسعافية الحرجة، ولا يمكن الاستغناء عن الممرضين والممرضات والفنيين في المختبرات والأشعة والأقسام الأخرى، وأي نقص في هذه الأيدي لأي ظرف كان يؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح. وربما كثيرون لا يعرفون أنه خلال تلك الأزمة التي عشناها كسعوديين في حرب الخليج الثانية كان عدد كبير من الفلبينيين وغيرهم من العمالة الوافدة قد تركوا هذه الوظائف الصحية ونحن في أمس الحاجة لها، خوفا على حياتهم من تطور الظروف حينها، ولم يبقَ في هذه الوظائف سوى أبناء الوطن، بل لماذا نذهب بعيدا، انظروا إلى أزمة العاملات المنزليات مع الفلبين وإندونيسيا! ألا يمكن أن يقع الأمر نفسه مع العمالة الوافدة في المستشفيات؟ ماذا سنفعل حينها؟
ما أود قوله هو أن وزارة الصحة ما تزال خارج دائرة المسؤولية بتهاونها إزاء توطين الوظائف الصحية، فها هم خريجو الدبلومات الصحية من فنيين وممرضين يعانون منذ سنوات من البطالة في تخصصات يشغلها وافدون من العمالة الفلبينية وغيرها بالآلاف. ويبدو أننا لا نستفيد من التاريخ، ففي كل مرة أزور فيها مستشفى حكوميا أو خاصا أجد الكثير من العمالة الآسيوية تشغل هذه الوظائف التي من الضرورة أن يتم توطينها. بل الأسوأ أن مكاتب التوظيف الخارجية ما تزال تقدم عروضها في وظائف أحق بها ابن هذا البلد، ونحن لا نعرف حقيقة مصدر شهاداتهم والتي نحصد بسببها الكثير من الأخطاء الطبية. الأدهى والأمر أننا ندربهم عدة شهور لتأهيلهم قبل استلام أعمالهم، فيما أبناؤنا عاطلون وينظرون لهم بحسرة بحجة أنهم غير مؤهلين، رغم أنهم اجتازوا الاختبارات وتخرجوا من المعاهد التي تشرف عليها وزارة الصحة. والمؤسف أن نهدر سنوات من أعمار هؤلاء في الدراسة، ثم في انتظار الوظيفة مع امتصاص أموالهم في المعاهد الخاصة التي تقف خلفها الوزارة، وبعد كل ذلك تقول لهم الوزارة الموقرة: أقفلنا أبوابنا ونحتاج لخريجي بكالوريوس! أو، إن هؤلاء الخريجين غير مؤهلين! ما هذا الاستهتار؟ هل يرضى هؤلاء المسؤولون هذا الأمر على أبنائهم من أصلابهم؟ أليس أولى بالوزارة أن تدرب شبابنا وبناتنا بدلا من عمالة وافدة تعيدهم لدولهم بخبرات مع أموالنا حين تشبع أرصدتهم البنكية! ناهيكم أنهم أول من يتركوننا وقت الأزمات..
وهنا صوتهم أضعه أمام المسؤولين.
المصدر: الوطن أون لاين