رئيس تحرير صحيفة الرؤية
في مجلس عزاء الراحل خلفان الرومي، رحمه الله، في الشارقة بالأمس كان الحضور من كل الإمارات ومن كل الأعمار، كان الحزن واضحاً على رحيل رجل أحبه كل من عرفه واحترمه كل من عمل معه وسيفتقده كل من عاش معه.
أول مرة التقيت فيها «أبوفيصل» كان وزيراً للإعلام في منتصف التسعينيات من القرن الماضي وكنت في بداية مسيرتي الصحفية، وكان حينها رئيساً لمجلس إدارة «مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر» التي أعمل فيها قبل أن تندمج لاحقاً مع إذاعة وتلفزيون أبوظبي وتصبح «شركة أبوظبي للإعلام»… كنت أراه، رحمه الله، بشوشاً ومرحباً بالجميع، وكان تشجيعه للشباب يلمسه الجميع، وكان دعمه للإعلاميين الإماراتيين دائماً يذكره كل من عاصره، وعاش فترة توليه منصب وزير الإعلام، وكم كان حزن الوسط الإعلامي الإماراتي كبيراً وهو يتلقى نبأ وفاة «أبوفيصل» أمس الأول، فهذه القامة الوطنية يعرف قيمتها كل إعلامي إماراتي وغير إماراتي، فكثير من الزملاء الإعلاميين العرب خارج الإمارات أحزنهم خبر وفاة خلفان الرومي، وإن لم يتمكنوا من الوصول إلى مجلس ذوي الفقيد، فقدموا العزاء لنا نحن أبناءه فهذا الرجل لطالما كان يتعامل معنا كأبنائه.
عظيم أن الإنسان عندما يرحل يترك خلفه قلوباً محبة تذكره بالخير وتتذكر مناقبه ومحاسنه والمواقف الطيبة معه، والأعظم أن تكون وراءه ألسنة وقلوب صادقة تدعو له بالرحمة والمغفرة.
خلفان الرومي رجل قدم كل ما لديه حتى آخر يوم في حياته، قدم لوطنه الإمارات فلم يكتفِ بالعطاء لمدينته أو إمارته، ولم يكن ممن توقف عن العطاء بمجرد تركه المنصب الرسمي، فعندما أصبح كرسي الوزارة خلفه كانت مهام كثيرة أمامه، قبلها بكل رحابة صدر وأنجزها بكل إخلاص دون أن يسأل عن منصب، وهذا هو دأب الرجال الذين يعرفون قيمة الوطن ومعنى العطاء فلا يتوقفون يوماً.
لمن لا يعرف «أبو فيصل»، فهو الرجل الوطني، الوزير وشقيق الوزيرة ووالد الوزيرة، وهو النموذج الذي نفخر به، رجل عمل بلا كلل، أخلص من دون أن ينتظر شيئاً، وواصل العطاء وكان بإمكانه أن يستريح ويستمتع بوقته وحياته، لكنه آثر العمل والحركة والبذل، ولم يبطئ تحركه إلا المرض ولم يوقف عطاءه إلا الموت.
رحم الله خلفان الرومي وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان.
المصدر: صحيفة الإتحاد