خميس الصريدي.. سبعيني يتنفس هواء الحقول

منوعات

قبل أن تنسج الشمس خيوطها وترسلها لتضيء الأرض، يتحرك خميس سعيد سالم الصريدي بسيارته «البيك أب»، ذات الموديل القديم، من بيته في منطقة الحلاة جنوب دبا، قاصدا نخله في قرية العيينة، التي تسكن منذ مئات السنين في حضن الوديان على سفوح جبال الساحل الشرقي ليقضي ساعات النهار بين حبه الأزلي النخلة.

يقول الصريدي، الذي تجاوز عمره 70 عاماً، بينما يأخذ قسطاً من الراحة في استراحته على الربوة الجبلية المحاذية لمزرعته في مسكن أهالي لعيينة القديم «لا يمكن أن يمضي يوم من دون أن أكون بجوار النخل، وهذا ديدني منذ الصغر، هكذا تربينا على أن الاهتمام بالشجرة ورعايتها من أصول وثوابت أهالينا حيث أقوم بنفسي بسقي الشجر، والإشراف على كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالزراعة ابتداء من فسل الصرم، والتنبيت مروراً بالخلابة أي تنظيف النخلة وترتيبها والاهتمام بأناقتها وجد عذوقها، وفرش الرطب بعد أن يستوي على المساطيح وجمعه بعد ذلك، ووضعه كتمر في اليراب ( كيس مصنوع من خوص النخيل)، والقليل اليوم من المزارعين الذين يضعون التمر في اليراب بعد توفر العلب البلاستيكية».

ويبدو أن الصريدي تذكر الأيام الخوالي، وبدأ يتنقل ببصره بين أرجاء نخله، يقول «لم تكن نخل وأشجار مزارع لعيينة على هذا الحال فقد كانت المياه تتدفق في الوادي طوال أيام السنة، والعين لا تمل النظر من إخضرار الأشجار وبريق الأغصان وبعد انحسار الأمطار ماتت الكثير من الأشجار، وبالأخص الهمبا والليمون وجف الوادي خلال السنوات القليلة الماضية». ويضيف الصريدي «ظلت مزارع لعيينة تشرب من بقايا المياه الحادرة من قمم جبال الطيبة ومسافي وكانت بكميات قليلة جدا لا تكاد تسد الظمأ.

لكننا والحمد لله استبشرنا خيرا واستبشرت نخيلنا خلال الأيام الماضية بهطول الرحمة بعد سنين من الجدب آملين من الله العلي القدير أن يديم نعمة الغيث وترتوي عروق الشجر».
وعلى الرغم من ضعف المياه وتأثيره على المحاصيل ظل الصريدي متعلقاً بحب مزرعته، وهو لديه إيمان راسخ بأن الله عز وجل لن يبخل على عباده بالمطر، وأن الخير قادم لا محالة لذلك تراه مستمراً في ممارسة أعماله الزراعية وبشكل يومي ومن دون أي فتور أو تراخ بل إن إيمانه بأهمية الزراعة جعله يبحث عن أجود أنواع الصرم لفسلها في مزرعته، ولا يكتفي بزراعة أشجار النخل فهو كذلك مهتم بزراعة الخضراوات مثل الطماطم والخيار والبصل والرويد ( الفجل ) والخس والملفوف، بالإضافة إلى أصناف من الفواكه مثل اليح والبطيخ العربي المحلي والفندال البلدي، ويقوم الصريدي بتسويق منتجاته الزراعية في أسواق دبا والفجيرة ومسافي.

ويطالب الصريدي بأن تقف الحكومة مع المزارع المواطن وتدعمه بالمعدات مثل توفير بذور الخضراوات والفواكه ذات الجودة العالية، والبيوت البلاستيكية وأنابيب المياه والمضخات بأسعار رمزية، دعما لإنتاج المزارعين المواطنين من خلال صرف مكافآت لكل مزارع مواطن يشرف بنفسه على مزرعته، بهدف تشجيع المواطنين على ممارسة مهنة الزراعة وتحسين مستوى معيشتهم وتعزيز دور القطاع الزراعي في دعم اقتصاد الدولة.

المصدر: ياسين سالم – الاتحاد